تعيش الطريقة القادرية البوتشيشية اليوم واحدة من أخطر أزماتها في تاريخها، مع اقتراب احتفالات المولد النبوي الشريف المقررة في الخامس من شتنبر المقبل. هذا الموعد الروحي، الذي كان على مدى عقود رمزًا للوحدة والتلاحم بين المريدين، قد يتحول هذه السنة إلى اختبار حاسم يضع مستقبل أكبر زاوية صوفية في المغرب والعالم على المحك.
الخلاف تفجّر مباشرة بعد دفن الشيخ الراحل جمال يوم العاشر من غشت، حيث تصدّر صراع معلن بين نجليه المشهد: منير، الوريث الذي يوصف ب “الشرعي” وفق وصية ، ومعاد، الذي ينازعه المشيخة ويستند إلى امتداده الشعبي ونفوذه المالي داخل الزاوية. الانقسام لم يقتصر على أسوار الزاوية، بل امتدّ إلى منصات التواصل الاجتماعي، حيث بات المريدون يتبادلون بيانات وتسجيلات تزيد الشرخ اتساعًا، فيما يبقى المجلس العائلي عاجزًا عن فرض حل يُرضي الجميع.
ويبدو أن المولد المقبل سيكون اللحظة الفاصلة: ظهور شيخين خلال الاحتفال قد يفتح الباب أمام انقسام لا رجعة فيه، ويحوّل ما كان رمزًا للوحدة إلى ساحة صراع علني. ويتجلى جوهر الأزمة في اختلاف الرؤى بين الأخوين: منير يسعى إلى نهج أكاديمي ومؤسساتي مستندًا إلى خبرته العلمية في المغرب وفرنسا، بينما يمثل معاد الامتداد الشعبي التقليدي للزاوية، متسلحًا بالنفوذ المالي والروحي على المريدين.
ويرى مراقبون أن قدرة الأخوين على احتواء النزاع خلال المولد ستحدد مستقبل الزاوية، وسط ترقب من الأتباع ، وموقف رسمي محافظ يكتفي بمراقبة الوضع، حفاظًا على رمزية مؤسسة صوفية أصبحت ركائزية في النموذج الديني المغربي.
27/08/2025