“ثلاثة مقربين من ترامب أعدّوا قوائم لشخصيات غرينلاندية مؤيدة للانفصال”
اتهمت كوبنهاغن، أمس الأربعاء، الولايات المتحدة بـ”التدخل غير المقبول” في شؤونها الداخلية، في وقت تكشّف فيه معطيات عن تحركات يقودها مقربون من الرئيس الأميركي دونالد ترامب، تهدف إلى تهيئة الأرضية لانفصال غرينلاند عن الدنمارك وضمها إلى النفوذ الأميركي.
وحسب ما كشفت عنه أجهزة الاستخبارات الدنماركية، فإن ثلاثة شخصيات على صلة وثيقة بترامب عملت على إعداد لوائح سرية تضم أسماء شخصيات محلية تدعم خيار الانفصال، وأخرى مناهضة للوجود الدنماركي، في محاولة لاستغلال التوترات الاجتماعية والسياسية داخل الجزيرة، استعدادًا لأي استفتاء محتمل حول الاستقلال.
الملف لم يعد مجرد “قضية هامشية”، بل تحوّل إلى بؤرة توتر جيوستراتيجية، خاصة وأن غرينلاند، الغنية بالموارد الطبيعية من نفط وغاز ومعادن نادرة، تُعتبر مفتاحًا للتحكم في طرق التجارة الجديدة التي يفتحها ذوبان الجليد في القطب الشمالي.
الدانماركيون، الذين ظلوا على مدى عقود من أكثر الحلفاء الأوروبيين ولاءً لواشنطن، يرون اليوم أن البيت الأبيض يطعنهم في الظهر، محاولًا استغلال الهشاشة الاجتماعية داخل غرينلاند – بما في ذلك ملف حساس حول معاناة السكان الأصليين الإينويت – من أجل شرعنة سيناريو الانفصال لصالح الولايات المتحدة.
وزير الخارجية الدنماركي، لوكه راسموسن، استدعى أمس القائم بالأعمال الأميركي في كوبنهاغن (في غياب سفير رسمي) لتبليغه احتجاجًا شديد اللهجة، معتبرًا أن “تنفيذ عمليات سرية في بلد حليف عضو في الناتو من أجل زعزعة استقراره الداخلي أمر غير مقبول”.
لكن الرئيس الأميركي، وفي تحدٍّ جديد للأعراف الدبلوماسية، لم يتراجع، بل جدد تأكيده على أن غرينلاند ستكون “أميركية عاجلًا أو آجلًا”، فيما صرحت رئيسة الوزراء الدنماركية، ميته فريدريكسن، بأن “الدول لا تُشترى ولا تُباع”، في إشارة إلى الطموحات التوسعية لترامب.
القضية، في نظر محللين مغاربة، تكشف هشاشة الموقف الأوروبي في مواجهة نزعة ترامب التوسعية. فالقارة العجوز، التي اعتادت الرهان على الحماية الأميركية عبر الناتو، تجد نفسها اليوم مضطرة للتعامل مع واشنطن كخصم يسعى إلى إضعافها من الداخل، تمامًا كما يحدث في ملفات الطاقة والتكنولوجيا والتجارة.
ويؤكد خبراء أن الصراع على غرينلاند ليس مجرد نزاع دنماركي–أميركي، بل هو مؤشر على إعادة رسم خرائط النفوذ العالمي، حيث يلتقي الجشع الأميركي مع المنافسة الصينية والروسية على ثروات القطب الشمالي، وهو ما يجعل المنطقة مرشحة لأن تتحول إلى ساحة “حرب باردة جديدة”.
في ظل هذه التطورات، يرى مراقبون أن المغرب، بصفته بلدًا محوريًا في الجوار الأطلسي، مطالب بقراءة أعمق للمتغيرات الجيوسياسية في الشمال، خصوصًا وأن التحولات المناخية والسباق على الموارد البحرية والمعدنية قد تجعل من الفضاء الأطلسي مجالًا تنافسيًا لا يقل خطورة عن القطب الشمالي.
28/08/2025