بعد فترة عصيبة من التراجع والفتور الذي عرفته الطريقة البوتشيشية عقب وفاة شيخها، تبرز الطريقة الكركرية من العروي لتفرض نفسها كرقم صوفي صاعد، لا يكتفي بالطقوس والذكر، بل ينفتح على العمل الاجتماعي الملموس. فقد أعطيت الانطلاقة لحملة وطنية للتبرع بالدم تحت شعار “هدية من القلب إلى القلب”، في مشهد يعكس التحول العميق في موازين الصوفية المغربية، حيث باتت الكركرية عنوانًا لجيل جديد من الممارسة الروحية ذات الامتداد الإنساني.
المبادرة، التي تنظمها الزاوية الكركرية بالناظور، تأتي تزامنًا مع الأسبوع الدولي للتصوف والمولد النبوي الشريف 1447/2025، وبشراكة استراتيجية مع المندوبية الإقليمية لوزارة الصحة وبنك الدم والهلال الأحمر المغربي. وقد تميزت هذه النسخة بحضور وازن لشخصيات دولية وممثلي منظمات إنسانية، مما منحها بُعدًا عالميًا ورسالة تضامن عابرة للحدود.
ويؤكد المنظمون أن التبرع بالدم لا يُختزل في كونه إجراءً طبيًا، بل هو فعل اجتماعي وروحي يجسد قيم العطاء والتكافل التي يقوم عليها التصوف الحق. ومع النقص الحاد الذي تعانيه المنطقة في مخزون الدم، تتحول هذه المبادرة إلى خطوة مصيرية لإنقاذ الأرواح وتعزيز قدرات المستشفيات المحلية.
ومن المنتظر أن تستقطب الحملة، المزمع تنظيمها يوم الثلاثاء 2 شتنبر 2025 بمقر الزاوية بحويسبية جماعة بني وكيل أولاد محند، مئات المتطوعين ضمن تنظيم محكم يضمن انسيابية العملية وسلامة المشاركين.
غير أن هذه المبادرة ليست سوى محطة ضمن أسبوع صوفي حافل أعلنت عنه الزاوية الكركرية في بلاغها الرسمي؛ إذ يتضمن البرنامج سلسلة من الندوات الفكرية حول التصوف ودوره في ترسيخ السلم المجتمعي، وأمسيات للذكر والمديح النبوي، إلى جانب مبادرات خيرية موازية كتوزيع مساعدات غذائية على الأسر المعوزة، وتنظيم ورشات للتربية الروحية لفائدة الشباب، فضلًا عن لقاءات حوارية مع باحثين ودبلوماسيين من مختلف القارات لتسليط الضوء على البعد الكوني للتصوف المغربي.
31/08/2025
