أثار استمرار ترحيل مهاجرين من دول إفريقيا جنوب الصحراء نحو مدن صغيرة كالرشيدية موجة انتقادات حقوقية، حيث دعا نشطاء وباحثون الدولة المغربية إلى وقف هذه الممارسات التي وصفوها بغير الإنسانية، واحترام التزاماتها الدستورية والدولية في مجال حقوق الإنسان، وعلى رأسها الحق في الكرامة والاستقرار. إدريس السدراوي، رئيس الرابطة المغربية لحقوق الإنسان، اعتبر أن نقل المهاجرين في شاحنات وإفراغهم في مدن مهمشة يُشكل انتهاكاً صارخاً للكرامة الإنسانية، مشيراً إلى أن المغرب صادق على أهم الاتفاقيات الدولية الملزمة في هذا المجال، ما يفرض مواءمة سياساته الداخلية مع هذه التعهدات.
السدراوي شدد على أن هذه الممارسات تتناقض مع التوجهات الرسمية للدولة، بل وتُفاقم هشاشة المدن المستقبلة التي تتحول إلى فضاءات لتجميع المهاجرين والمرضى النفسيين، في غياب دعم حقيقي للتنمية المحلية، ما يهدد الأمن والسلم الاجتماعي. وطالب بوقف الترحيل القسري بشكل فوري، واعتماد مقاربة إنسانية تقوم على معالجة فردية للحالات، مع إحداث مراكز استقبال لائقة تديرها الدولة بشراكة مع المجلس الوطني لحقوق الإنسان وهيئات مدنية ذات مصداقية. كما دعا إلى توفير الدعم المادي واللوجستي للجماعات المحلية التي تتحمل وحدها تبعات القرارات المركزية.
من جانبه، أوضح الباحث في القانون الدولي عثمان مشاك أن السلطات تستند في هذه الإجراءات إلى مقتضيات قانون 02-03 المنظم للهجرة غير النظامية، الذي يمنح الإدارة سلطة تقديرية واسعة تسمح بإعداد لوائح للأجانب وترحيلهم داخلياً في انتظار تنفيذ قرارات الإبعاد. لكنه لفت إلى أن هذه الممارسات لا تهدف دوماً إلى الترحيل خارج البلاد، بقدر ما تسعى إلى تفادي تجمعات كبيرة قد تولّد توترات اجتماعية. وأكد مشاك أن مدى انسجام هذه السياسة مع القانون الدولي يظل موضع نقاش، خصوصاً فيما يتعلق باحترام الإجراءات المسطرية وحق المهاجرين في الطعن، مشدداً على ضرورة تسريع اعتماد القانون الجديد للهجرة واللجوء الذي يندرج ضمن السياسة الوطنية المعتمدة منذ 2013.
01/09/2025