مدينة الدريوش والإقليم هذه الأيام لا تنتظر الفواتير، بل تنتظر المعجزة. ففي مكتب الماء والكهرباء، الذي يُفترض أن يكون منبع الخدمة العمومية، تحوّل المشهد إلى مسرحية عبثية يكتبها الإهمال وتخرجها الفوضى: صراخ، عراك، تكسير للحواسيب والتجهيزات الرسمية، ( كما وقع صباح يومه الإثنين ) وتعليق للخدمات أمام أعين مواطنين مغلوبين على أمرهم لم يجدوا سوى الجدران ليضربوا رؤوسهم بها.
والمهزلة لا تتوقف عند هذا الحد؛ إذ أصبح الحارس الخاص بمثابة المدير الفعلي للوكالة : يستقبل، يوجّه، ويوزّع عبارات المواساة من قبيل “الله يصبّر”، بينما الموظفون الأصليون يتفنّنون في تقديم شواهد طبية بالجملة، حتى يخيل للمرء أن مكتب الدريوش تحوّل إلى جناح استشفائي أكثر منه إدارة عمومية. أما الإدماج في الشركة الجهوية فلم يجرّ سوى موجات من الهروب الجماعي، أشبه بجرذان تفرّ من سفينة توشك على الغرق.
ساكنة الدريوش والخال من جماعة أولاد بوبكر ( الصور ) اليوم تعيش على إيقاع الانقطاع الشبه الجماعي: انقطاع في الماء، انقطاع في الكهرباء، وانقطاع في الأمل. أما عبارة “خدمات القرب”، فقد تحوّلت إلى نكتة سمجة تتداولها الألسن في المقاهي، يُضحك بها الناس على بؤسهم حتى لا يذرفوا الدموع.
ما يجري في مكتب الماء والكهرباء بالدريوش ليس خللًا عابرًا، بل هو صاعقة كهربائية ضربت ما تبقّى من الثقة بين المواطن والإدارة. والحق يُقال: من عجز عن تدبير حنفية، كيف له أن يدبّر شبكة؟! اليوم، الدريوش تغرق في العتمة، وغدًا قد تغرق في الفيضان… ولا أحد يملك المفتاح ليغلق الصمام قبل أن ينفجر كل شيء دفعة واحدة.