في مساري في العدالة الانتقالية، ومساهمتي في بناء وطن الحلم، اكتشفت حقيقتين لا ثالث لهما: الأولى، أن العدالة الانتقالية منهجية ثورية ذكية لمعالجة ما تقترفه الدولة والجماعات والأشخاص من “حماقات” مرتبطة بحماية شيء يقع بين الحقيقة والوهم، بين الرسالة والواجب، وبين المعاش الإنساني الهادئ أو المضطرب، المسكوت عنه في الحياة اليومية العادية والمكررة.
كما اكتشفت أن العدالة الانتقالية، كذلك، هي باب لصداقات عالمية من ذهب؛ عبرها يمكن للإنسان، إن كان صادقًا، أن يقيم علاقات أخوة وصدق ومحبة وثقة تكاد تكون مطلقة بين رجالات الحكم السائدين بذكاء وعنفوان، ورجالات الدولة وحماة القانون، ورجالات الحركة الحقوقية المبدئية، ورجالات المجتمع المدني الذين يناضلون كل ثانية ضد الوهم، بين كل الحالمين، كلٌ بطريقته في بناء وطن يتسع للجميع…
حسن كان بين كل هؤلاء، يحمل بخجل الكبار القلب الذي جاء به من الأطلس رفقة والده معز، كما كان يحلو له أن يحكي لي، بألم وحلم، مبتسمًا وساخرًا من الدنيا العادية. حسن كان بقلب وطن اسمه شموخًا: المغرب. والوطن كان يعرف أن أحد حماته اسمه حسن كمون، جاء من الأطلس إلى العاصمة الإسماعيلية رفقة والده الفلاح الفقير، يختبئ بخجل بين أمل رفاقه وطموحات أعز أصدقائه، وكنت أنا، بفخر، واحدًا منهم.
وداعًا حسن، وداعًا أيها الجزء من الحلم الذي يسمى الوطن.
عبد السلام بوطيب :
03/09/2025