تواصل الجزائر توظيف قطاع النفط والغاز كأداة استراتيجية لاستقطاب الشركاء الدوليين، وفي مقدمتهم الشركات الأمريكية، في مسعى لتوسيع نفوذها وتعزيز موقعها في نزاع الصحراء المغربية. فقد استقبل وزير الطاقة والمناجم والطاقات المتجددة، محمد عرقاب، هذا الأسبوع نائب رئيس شركة “هاليبرتون” لشمال إفريقيا، أحمد حلمي، لبحث آفاق التعاون مع شركة “سوناطراك” حول تطوير الحقول النفطية والغازية، وتوسيع الخدمات البترولية، وإدماج الحلول الرقمية والتكنولوجيات الحديثة. اللقاء الذي حظي بتغطية واسعة في الإعلام الجزائري كشف بوضوح طموح السلطات الجزائرية في توثيق صلاتها مع كبريات الشركات الطاقية العالمية.
غير أن مراقبين يرون أن هذه التحركات تحمل أبعادا سياسية تتجاوز الاقتصاد، إذ تهدف إلى استمالة واشنطن عبر تقاطع مصالحها مع لوبيات الطاقة الأمريكية. عبد الوهاب الكاين، رئيس منظمة “أفريكا ووتش”، اعتبر أن جذب شركات مثل “هاليبرتون” أو “شيفرون” لن يعوض غياب إصلاحات ديمقراطية حقيقية، ولن يغير موقف الولايات المتحدة الداعم لمبادرة الحكم الذاتي التي قدمها المغرب كحل دائم وواقعي للنزاع. وأكد أن استنزاف ثروات البلاد عبر صفقات مشبوهة يزيد من حدة الأزمة الداخلية في الجزائر، التي لا تزال رهينة حكم العسكر وتداعيات الحراك الشعبي المطالب بالحرية والعدالة.
من جهته، شدد الباحث في التاريخ المعاصر دداي بيبوط على أن أي رهان جزائري على تغيير الموقف الأمريكي عبر شركات النفط يظل وهما، مشيرا إلى أن واشنطن لن تخضع لضغوط اقتصادية لتعديل توجهاتها الاستراتيجية، خاصة في ظل اعترافها التاريخي بسيادة المغرب على أقاليمه الجنوبية. واعتبر أن اتفاقيات التعاون مع “هاليبرتون” لن تكون سوى محاولة جديدة لاستنزاف الموارد دون إحداث تحول هيكلي في الاقتصاد الجزائري، في وقت يواصل المغرب خطوات ثابتة نحو إغلاق ملف الصحراء نهائيا بفضل دبلوماسيته النشطة ومصداقية طرحه القائم على الحكم الذاتي.
04/09/2025