لم تمض سوى 13 كيلومترًا على انطلاق المرحلة الأصعب من طواف إسبانيا “فويلتا” نحو قمة أنغليرو، حتى اضطر المتسابقون للتوقف بعدما اعترض محتجون مؤيدون لفلسطين المسار، في مشهد أعاد التأكيد على أنّ الرياضة العالمية لم تعد محصّنة أمام موجات الغضب الشعبي ضد الاحتلال الإسرائيلي.
الحادثة التي عطّلت هروب ثلاثة دراجين (بوب يونغلس، نيكولاس فينوكوروف، وجيفرسون سيبيدا) لم تدم طويلًا، إذ تدخلت قوات الحرس المدني الإسباني بسرعة لإبعاد المتظاهرين، غير أن المشهد حمل رمزية عميقة: قضية فلسطين فرضت نفسها مجددًا في قلب أوروبا ومن على منصات رياضية يتابعها الملايين.
لم يكن هذا أول تحرك من نوعه خلال الطواف؛ ففي إقليم الباسك وأستورياس، تكررت محاولات مماثلة لوقف السباق، ما يعكس اتساع رقعة التضامن الأوروبي مع الشعب الفلسطيني.
من جهته، خرج الملياردير الكندي سلفان آدامز، مالك فريق إسرائيل بريميير-تيك وصديق رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، بتصريحات غاضبة، متهماً المحتجين بالعداء لإسرائيل وبإحياء “خطاب كراهية قديم”. بل ذهب حدّ التلويح بأن الانسحاب من السباق يعني فتح الباب أمام مقاطعة دول مثل البحرين والإمارات، في اعتراف غير مباشر بأن رفض التطبيع الرياضي آخذ في الاتساع.
وبعد انتهاء المرحلة، سارع «نتنياهو » نفسه إلى الإشادة بآدامز وفريقه عبر منصة “إكس”، مهنئًا إياه على “عدم الرضوخ للكراهية”، في رسالة تكشف حجم الارتباك الذي يعيشه الاحتلال حين يجد نفسه محاصرًا حتى في مضمار رياضي.
هذه التطورات تبرز كيف تحوّل المشهد الرياضي الأوروبي إلى مساحة مقاومة سلمية تعبّر عن نبض الشارع الغربي الرافض لتلميع صورة إسرائيل عبر “الرياضة كواجهة دعائية”. وبقدر ما تحاول تل أبيب تصدير صورة “الانتصار” على الدراجات، فإن صور المتظاهرين وهم يوقفون السباق تصل أبعد بكثير، لتقول للعالم: فلسطين لم تُنسَ، وقضيتها قادرة على اختراق كل الحواجز.
وفي زمن يختلط فيه العرق بالسياسة، يظهر أنّ طواف “ويلتا” لم يعد مجرد منافسة على القمم الإسبانية، بل صار منصة لرفع رايات فلسطين في وجه آلة الاحتلال.
ولعلّ السؤال الساخر الذي يفرض نفسه في النهاية: إذا كانت إسرائيل تجد نفسها مطاردة حتى على مضمار الدراجات… فإلى أين ستفرّ غدًا؟
05/09/2025