أثارت المذكرات التي قدمتها عدد من الأحزاب السياسية لمراجعة المنظومة القانونية للانتخابات التشريعية المقبلة نقاشًا حيويًا حول الجهة المخوّلة للإشراف على هذه المحطة السياسية. فقد تنوّعت المواقف بين دعم الإبقاء على كافة الصلاحيات في يد وزارة الداخلية، وبين المطالبة بإحداث هيئة مستقلة، كما هو الحال في مذكرتي حزبي “فيدرالية اليسار الديمقراطي” و”الاشتراكي الموحد”، بينما اقترح حزب التقدم والاشتراكية إشراف وزارة الداخلية إلى جانب هيئة تضم الأحزاب السياسية، فيما أقر حزب العدالة والتنمية بالدور المحوري للوزارة مع الإشارة إلى سلبيات محتملة في إدارة العملية الانتخابية.
ويشير محللون إلى أن اعتماد هيئة مستقلة في المغرب يواجه تحديات كبرى، بالنظر إلى القوة التنظيمية والانتشار الترابي الواسع لوزارة الداخلية، التي أشرفت عبر السنوات على جميع المحطات الانتخابية. ورغم ذلك، يشدد هؤلاء على أهمية تحديث العملية الانتخابية عبر رقمنتها وضمان حق جميع المتنافسين في المراقبة وسهولة الولوج إلى المحاضر والمعلومات، بما ينسجم مع التوجهات الحديثة ويعزز نزاهة الانتخابات.
بدوره، رأى رضوان اعميمي، أستاذ القانون الإداري بجامعة محمد الخامس بالرباط، أن النقاش حول الجهاز المشرف على الانتخابات صحي ويستحق مزيدًا من العقلانية، مؤكدًا قدرة وزارة الداخلية على الإشراف تقنيًا ولوجستيًا، مع ضرورة إشراك السلطة القضائية والمجلس الوطني لحقوق الإنسان والمراقبة المستقلة لضمان نزاهة العملية. كما شدد على أهمية تمكين الأحزاب السياسية من آليات للمواكبة والرصد، مؤكدًا الدور الحاسم للمؤسسة الملكية في حماية المشروعية الانتخابية، فيما اعتبر الباحث حفيظ زهري أن المطالب بإنشاء هيئة مستقلة غالبًا ما تُطرح في سياق سياسي ضاغط، إلا أن الواقع العملي يجعل اعتمادها صعبًا بسبب قوة وزارة الداخلية وتعقيدات التوافق بين الأحزاب.
05/09/2025