مرة أخرى، تؤكد الجزائر أنها لا تملك خيالًا سياسيًا ولا رؤية اقتصادية خارج منطق التقليد الأعمى للمغرب. ففي افتتاح الدورة الرابعة من المعرض التجاري الأفريقي البيني، يوم 4 غشت، أعلن الرئيس الجزائري تبون عن “مخطط” لتحويل موانئ بلاده إلى بوابات استراتيجية نحو الدول الإفريقية الحبيسة، مع وعود بالربط السككي خلال خمس إلى ست سنوات. كلام كبير على الورق، لكنه لا يخفي أنه مجرد محاولة يائسة لاستنساخ المبادرة المغربية للأطلسي، التي سبقت الجزائر بسنوات ضوئية.
المغرب لم يطرح مجرد فكرة أو “شعار” للاستهلاك الإعلامي، بل أطلق مشروعًا متكاملًا يحمل رؤية تنموية شمولية، ويستند إلى روابط تاريخية وثقافية مع دول الساحل. مبادرة الأطلسي المغربية لاقت تجاوبًا سريعًا، حيث التحقت بها رسميًا أربع دول (مالي، النيجر، بوركينا فاسو، وتشاد) منذ اجتماع مراكش في دجنبر. ومنذ ذلك الحين، تتكثف اللقاءات الدبلوماسية والفنية لتفعيل المشروع على الأرض، بينما لا تزال الجزائر في مرحلة الخطابات والشعارات.
الجزائر، التي همّشت لعقود علاقاتها الإفريقية، تحاول اليوم الدخول من النافذة بعدما أغلقت الباب بيدها. لكن المفارقة أن هذه الدول نفسها التي تحاول الجزائر مغازلتها، باتت أقرب إلى المغرب وأكثر ثقة في شراكته، خصوصًا بعد التحولات السياسية والانقلابات العسكرية الأخيرة. التوترات مع الجزائر معروفة، وهو ما يضعف فرصها في لعب أي دور إقليمي جاد، مهما رفعت من شعارات “التموضع” و”الوساطة”.
الحقيقة أن الجزائر لا تنافس المغرب بالمشاريع، بل بالخطابات والادعاءات. والفرق شاسع: المغرب يبني ويُنجز، والجزائر تُقلد وتُعلن. ومن يملك التاريخ والثقة والشراكات الاستراتيجية هو من يحسم السباق، والجزائر ليست سوى متفرج يحاول سرقة مقاعد في قطار مغربي انطلق منذ زمن بعيد.
05/09/2025