حذرت النيابة العامة الإسبانية في تقريرها السنوي لعام 2024 من تدهور الوضع الأمني على السواحل الأندلسية، مع تصاعد نشاط زوارق تهريب المخدرات التي أصبحت تحديًا مباشرًا للسلطات. وأوضح التقرير أن مضيق جبل طارق أصبح محورًا رئيسيًا لتقاطع عمليات تهريب المخدرات والهجرة غير النظامية القادمة من الجزائر، مشيرًا إلى أن الظاهرة لم تعد مقتصرة على تدفق الحشيش والكوكايين، بل شملت أيضًا الهجرة السرية والاتجار بالبشر، ما يجعل جنوب إسبانيا نقطة استراتيجية للجريمة العابرة للحدود.
وأكد التقرير أن الزوارق عالية السرعة، المحظورة قانونيًا، تتجول علنًا خلال النهار متحدية الدولة، وأسفرت عن حوادث مأساوية، منها مقتل اثنين من الحرس المدني في بارباتي، ومصرع خمسة أفراد من طواقم الزوارق في حوادث متفرقة. كما وسعت هذه الزوارق مساراتها لتتجاوز المضيق، مستغلة مصب نهر الغوادالكيڤير كنقطة دخول جديدة للحشيش والكوكايين إلى قادش وإشبيلية، تمهيدًا لتوزيعها إلى باقي أوروبا. وخلال أسبوعين فقط في ديسمبر 2024 ويناير 2025، تمكنت السلطات من ضبط نحو عشر أطنان من الكوكايين.
وحذر التقرير من ازدياد ما يسمى بـ”الحضانات”، وهي مخابئ تستخدمها الشبكات الإجرامية لكل من المهاجرين والزوارق، ما يتيح مزج تهريب المخدرات مع الاتجار بالبشر. وأشار التقرير إلى العلاقة الوثيقة بين هذه الشبكات والجزائر، التي أصبحت أحد أبرز مراكز الانطلاق. كما رصد التقرير تغيرًا في أنماط الهجرة، إذ حلت السفن الأكبر والمراكب المتطورة محل القوارب الصغيرة، مع اعتماد بعض الشبكات على أسلوب “look alike”، حيث يستخدم المهاجرون جوازات سفر لأشخاص آخرين يشبهونهم.
على الصعيد القضائي، شهدت مالقة ارتفاعًا بنسبة 28.65٪ في قضايا المخدرات، لتصبح ثالث أقوى محافظة بعد برشلونة ومدريد، فيما بلغ مجموع القضايا في الأندلس 5,276 قضية خلال عام 2024. وحذرت جمعية Jucil، الأكبر في صفوف الحرس المدني، من أن التقرير يعكس واقعًا خطيرًا يهدد الأمن الداخلي، مشيرة إلى تصاعد العنف في قادش، وزيادة المضبوطات في ويلفا بنسبة 600٪ مقارنة بعام 2023، وظهور عصابات دولية في غرناطة، وارتفاع القضايا القضائية في مالقة.
وطالبت الجمعية بإعلان مضيق جبل طارق والسواحل الأندلسية منطقة ذات خصوصية استثنائية، مع تعزيز الموارد البشرية، وزيادة الاستثمار في التكنولوجيا، وتوفير وسائل بحرية لمواجهة المنظمات الإجرامية المتزايدة قوة وجرأة. وختمت الجمعية تحذيرها بالقول: “التقرير يوضح أن تهريب المخدرات مستمر في التوسع، والعنف يتصاعد، والأمن يتدهور بشكل ملموس. حان الوقت لتحويل الكلام إلى أفعال حقيقية على الأرض”.