عاد النقاش العلمي والسياسي في الولايات المتحدة ليبرز من جديد حول احتمال ارتباط تناول دواء “تايلينول” أثناء الحمل باضطرابات النمو العصبي لدى الأطفال، مثل التوحد واضطراب نقص الانتباه وفرط النشاط. وقد أُشعل الجدل مؤخرًا بمراجعة علمية جديدة شملت 46 دراسة سابقة، أبرزت وجود صلة محتملة بين استخدام “أسيتامينوفين” خلال الحمل وبعض الاضطرابات العصبية، مع التأكيد على عدم وجود دليل قاطع يثبت علاقة سببية مباشرة. وفي ظل القيود الأخلاقية التي تمنع التجارب السريرية على النساء الحوامل، تظل البيانات الرصدية الطريقة الرئيسية للدراسة، ما يصعب استخلاص استنتاجات حاسمة.
ورغم التحفظات العلمية، استغل سياسيون ونشطاء وسائل التواصل الاجتماعي هذه المراجعة لإثارة المخاوف، خاصة مع تصريحات وزير الصحة الأمريكي روبرت إف. كينيدي الابن حول “عوامل محتملة للتسبب بالتوحد”، إضافة إلى دعوات شخصيات يمينية ومنظمات مثل “دفاع صحة الأطفال” لفتح تحقيقات حول مسؤولية العقار. وفي المقابل، أكدت المؤسسات الصحية الكبرى، مثل إدارة الغذاء والدواء الأمريكية والوكالة الأوروبية للأدوية، أن الأدلة العلمية الحالية لا تسمح بالربط القاطع بين تناول الدواء واضطرابات النمو العصبي، كما أيدت محكمة اتحادية أمريكية هذا الموقف في حكمها ضد دعاوى جماعية رفعت على شركات مصنّعة للعقار.
وتشير الدراسات الرصدية الكبرى، مثل تلك المنفذة في السويد والنرويج، إلى أن أي ارتباط محتمل بين “تايلينول” واضطرابات مثل التوحد أو A.D.H.D قد يتأثر بالعوامل الوراثية، مدة استخدام الدواء، والجرعات، ما يعكس تعقيد القضية. ويؤكد الخبراء على ضرورة توخي الحذر العلمي والابتعاد عن اختزال قضية معقدة في عامل واحد، مع التركيز على دمج بيانات دقيقة حول العوامل الوراثية، وتكرار الاستخدام، والجرعات في الدراسات المستقبلية لفهم التأثير الفعلي للعقار على نمو الأطفال العصبي.
07/09/2025