يصادف يوم 8 شتنبر 2025 مائة عام على عملية الإنزال العسكري في خليج الحسيمة، التي قامت بها القوات الإسبانية سنة 1925 خلال حرب الريف. وقد شكّل هذا الإنزال، الذي جرى بتنسيق مع القوات الفرنسية وبمساندة جوية وبحرية، محطة بارزة في مسار المواجهات التي عرفتها منطقة الريف بقيادة محمد بن عبد الكريم الخطابي.
تأتي هذه الذكرى في سياق اهتمام متجدد من بعض المنابر الإسبانية، التي تسعى إلى استحضار الحدث باعتباره أحد أبرز العمليات العسكرية في تاريخها المعاصر. غير أنّ هذا الاستحضار يثير أيضًا نقاشًا حول طبيعة المرحلة، إذ ارتبط الإنزال بمحاولة إسبانيا وفرنسا استعادة زمام المبادرة بعد سلسلة من الهزائم التي لحقت بالجيش الإسباني في معارك مختلفة، أبرزها معركة أنوال سنة 1921، التي خلّفت خسائر بشرية وعسكرية كبيرة.
يرى مؤرخون أنّ الإنزال لم يكن حدثًا منفصلًا، بل جاء في إطار تحالف عسكري واسع لإنهاء تجربة “جمهورية الريف”، التي شكلت في حينها نموذجًا أثار اهتمام ومخاوف القوى الاستعمارية الأوروبية. كما يشيرون إلى أنّ الحملة العسكرية اعتمدت على تقنيات حديثة في ذلك الوقت، من بينها القصف الجوي واستخدام أسلحة كيماوية، وهو ما خلّف آثارًا إنسانية عميقة في المنطقة.
بعد مرور قرن كامل، ما زالت عملية إنزال الحسيمة تطرح أسئلة متباينة بين من يعتبرها إنجازًا عسكريًا مهمًا في تاريخ إسبانيا، ومن يراها حلقة من حلقات الصراع الاستعماري الذي دفع سكان الريف ثمنه غاليًا. وبين هذين المنظورين، تظل الذكرى مناسبة للتأمل في صفحات من التاريخ المشترك بين المغرب وإسبانيا، وما تحمله من دروس عن المقاومة، الاستعمار، والتحولات السياسية في المنطقة المغاربية خلال مطلع القرن العشرين.
08/09/2025