kawalisrif@hotmail.com

استثمار علمي ضخم في كتالونيا: مدريد وبرشلونة ترصدان 926 مليون يورو لتشييد “ألبا 2″، مسرّع الجسيمات الجديد لأوروبا

استثمار علمي ضخم في كتالونيا: مدريد وبرشلونة ترصدان 926 مليون يورو لتشييد “ألبا 2″، مسرّع الجسيمات الجديد لأوروبا

في خطوة استراتيجية كبرى لمستقبل البحث العلمي في أوروبا، وقّع كل من رئيس حكومة كتالونيا سلفادور إيّا ووزيرة العلوم والابتكار والجامعات الإسبانية ديانا مورانت اتفاقًا يقضي بتمويل مشروع “ألبا 2″، الجيل الجديد من مسرّع الجسيمات بمدينة سيردانيولا ديل فاليس قرب برشلونة. الاتفاق يرصد ما مجموعه 926 مليون يورو للفترة الممتدة من 2025 إلى 2038، يتحملها الطرفان مناصفة، مع تخصيص 170 مليون يورو للانطلاقة الفعلية للمشروع الذي يرتقب دخوله الخدمة عام 2032.

هذا الاستثمار الضخم يضع إسبانيا في قلب المنافسة العالمية على الريادة العلمية والتكنولوجية، إذ سيتيح للباحثين إمكانيات غير مسبوقة لدراسة المواد والجزيئات على مستويات دقيقة تصل إلى 2 أو 3 نانومترات، مقارنة مع 20 إلى 30 نانومتر فقط في النسخة الحالية. هذه النقلة النوعية ستفتح آفاقًا واسعة في مجالات متعددة مثل الطب الحيوي وتطوير العلاجات المبتكرة، وصناعة الرقائق الإلكترونية، والطاقات المتجددة والمواد الجديدة، وهو ما يجعل من “ألبا 2” حجر زاوية لتعزيز تنافسية أوروبا في زمن تتسارع فيه الابتكارات العلمية.

إيّا شدد على أن كل يورو يُستثمر في ألبا يدرّ عائدًا اجتماعيًا قدره يورو ونصف، بينما أكدت مورانت أن الحكومة الإسبانية تضاعف رهانها العلمي من أجل البقاء في الصف الأول عالميًا. وسيتم رفع عدد “خطوط الضوء” التي يستخدمها العلماء من 14 إلى 17 مع إمكانية التوسع إلى 26، كما سترتفع الطاقة البشرية العاملة بالمركز من 280 إلى 330 باحثًا وتقنيًا بحلول 2030.

وبالنسبة للمغرب، الذي يراهن بدوره على البحث العلمي في الطاقات الخضراء وصناعة الرقائق، فإن هذا المشروع يبعث برسالة واضحة مفادها أن المستقبل يُصنع بالعلم والاستثمار في المعرفة، وأن تعزيز الشراكات البحثية بين ضفتي المتوسط لم يعد خيارًا بل ضرورة لضمان موقع متوازن في معادلة الغد. فبينما تضخ أوروبا المليارات في مشاريع علمية رائدة، يظل على دول الجنوب، ومنها المغرب، أن تنسج روابط قوية مع هذه المراكز من خلال التعاون الأكاديمي والبحثي، حتى لا تبقى خارج دائرة السباق التكنولوجي.

المخطط العملي ينص على استمرار تشغيل “ألبا 1” إلى غاية 2029 قبل أن يبدأ التحويل نحو “ألبا 2″، الذي سيتكرس لخدمة البحث العلمي الأوروبي إلى حدود عام 2050، ليكون شاهدًا على رهانات علمية تعكس وعيًا استراتيجيًا بأن المعرفة أصبحت العملة الصعبة الحقيقية في القرن الواحد والعشرين. ولا يخفى أن المغرب حاضر بقوة في هذه الدينامية العلمية من خلال آلاف الطلبة والباحثين الذين يقصدون الجامعات ومراكز البحث الإسبانية كل سنة، إضافة إلى الجالية المغربية المقيمة هناك والتي تضم أطرًا وكفاءات ساهمت في تعزيز جسور التعاون الأكاديمي والعلمي بين الضفتين. إن استثمارًا بهذا الحجم في “ألبا 2” لا يمثل فقط مكسبًا لإسبانيا وأوروبا، بل يشكل أيضًا فرصة لمغاربة إسبانيا وللطلبة الباحثين المغاربة للاقتراب أكثر من مراكز القرار العلمي والمشاركة في صناعة مستقبل يقوم على المعرفة والتكنولوجيا المتقدمة.

10/09/2025

Related Posts