kawalisrif@hotmail.com

البرلمان الإسباني يقر اعتمادًا ماليًا استثنائيًا… ومستقبل تخفيض 75% في النقل لسكان سبتة ومليلية المحتلتين يبقى معلقًا

البرلمان الإسباني يقر اعتمادًا ماليًا استثنائيًا… ومستقبل تخفيض 75% في النقل لسكان سبتة ومليلية المحتلتين يبقى معلقًا

وافق مجلس الشيوخ الإسباني، يوم الأربعاء الماضي، على مشروع قانون يمنح اعتمادًا ماليًا استثنائيًا بقيمة 1,2 مليار يورو لتغطية الدعم المالي للنقل لفائدة المقيمين خارج البر الرئيسي لإسبانيا. وتهدف هذه الخطوة إلى تعويض التأخرات المتراكمة من الحكومة في صرف هذه المساعدات، التي تمس مباشرة سكان جزر الكناري، جزر البليار، سبتة ومليلية.

إلا أن مستقبل هذا التخفيض البالغ 75% في تكاليف النقل يبقى معلقًا على موافقة مجلس النواب الإسباني، الذي سيبت نهائيًا في التعديلات التي أدرجها مجلس الشيوخ، وقد تغيّر هذه التعديلات موازين المشهد السياسي والمالي لهذه المناطق.

المشروع، الذي يتضمن أيضًا تعديلات على قانون الملاحة الجوية وقانون الأمن الجوي، سبق أن صادق عليه مجلس النواب في مايو الماضي مع إدخال تعديلين تقنيين، قبل أن يضيف الشيوخ ستة تعديلات جديدة، كلها مقترحات من حزب الشعب الإسباني (PP)، والتي قد تُرفض خلال التصويت النهائي.

طالبت شركات النقل الجوي بهذا الاعتماد منذ بداية السنة، حيث تكبدت عبء سداد قيمة التذاكر المدعومة مسبقًا، معتبرة الوضع الحالي غير مستدام. ووفقًا للبيانات الرسمية، لم تُسدد بعد 425 مليون يورو عن سنة 2024، ومن المتوقع أن يصل الإنفاق الإضافي لعام 2025 إلى 1,25 مليار يورو، في حين تقتصر الميزانية العامة على 560 مليون يورو فقط، أي نفس المبلغ المخصص لعام 2023.

وحذّرت جمعية شركات الطيران (ALA) من أن استمرار التأخر في صرف الأموال قد يدفع بعض الشركات إلى تقليص الرحلات، أو تخفيض الترددات، أو حتى التخلي عن بعض الخطوط، وهو ما سيؤثر مباشرة على حرية تنقل الملايين من المواطنين في هذه المناطق.

وكان وزير السياسة الإقليمية والذاكرة الديمقراطية، أنخيل فيكتور توريس، قد أكّد في وقت سابق أن تخفيض 75% في النقل لن يمس، محاولًا طمأنة السكان، إلا أن حزب الشعب الإسباني ما زال يشكك في مدى ضمان هذه الميزة، معتبرًا أن تعديلاته تهدف إلى تأمين استقرار الدعم المالي، وتعزيز السلامة التشغيلية، وضمان التحول الطاقي للقطاع.

اليوم يعود المشروع إلى مجلس النواب، حيث القرار النهائي بين يدي البرلمان، وليس مجرد اعتماد مالي، بل هو ضمان حق أساسي في التنقل لسكان ثغري “سبتة ومليلية” والجزر الإسبانية خارج البر الرئيسي، وهو حق قد يتحول إلى أزمة إذا لم تُتخذ إجراءات عاجلة لضمان استمراره.

وفي ظل هذه الترددات والتأخيرات التي تهدد حقوق السكان في التنقل، تبدو سبتة ومليلية كمرآة تعكس هشاشة التنسيق بين السياسات الإسبانية والواقع الاقتصادي والاجتماعي للمناطق المحتلة وتأثيره على المغاربة القاطنين هناك. ومع صعود الاقتصاد الوطني المغربي وازدهار المبادلات التجارية مع أوروبا، تتحول الثغران الحدوديّان إلى بؤر توتر محتملة، حيث قد يواجه المواطن المغربي والمقاول المحلي عقبات نقل مكلفة ومعقدة، ما قد يحدّ من استفادتهم من فرص السوق المفتوحة.

إن استمرار هذا الوضع لا يؤثر فقط على حرية التنقل، بل يكشف هشاشة البنية المؤسسية للمدن المحتلة على الحدود، ويطرح علامات استفهام حول جدوى السياسات الإسبانية في الحفاظ على توازن اقتصادي واجتماعي يضمن حق المواطن في التنقل بسلاسة، خصوصًا في لحظة يزدهر فيها الاقتصاد المغربي ويصبح لاعبًا إقليميًا لا يمكن تجاهله.

في المحصلة، يبقى السؤال مطروحًا: هل ستستمر الثغرين كحاجز أمام هذا النمو، أم أن صعود المغرب سيجبر السياسات الإسبانية على التكيف مع واقع جديد يضع المواطن والاقتصاد المغربي في قلب المعادلة؟

11/09/2025

Related Posts