في الآونة الأخيرة، أصبح قطاع الصيد البحري المغربي تحت مجهر الخطر، بعد سلسلة حوادث مثيرة للقلق. فقد اختُطف مركب “الحسين” واستُغل للوصول إلى جزر الكناري، بينما أحبطت البحرية الملكية محاولة أخرى لمركب مشبوه من نوع الصيد بالخيط، بعد أيام فقط من اختفاء مركب “لاكلونتين”. هذه الأحداث لم تعد مجرد حوادث متفرقة، بل جرس إنذار يوضح هشاشة منظومة الرقابة البحرية ويطرح سؤالاً ملحاً: إلى متى سيظل البحر المغربي ساحة مفتوحة للاستغلال غير القانوني؟
الأزمة تكشف هشاشة حوكمة القطاع وغياب اليقظة المؤسسية، حيث تجاوزت سرقات المراكب القوارب التقليدية لتشمل مراكب أكبر وأكثر تجهيزاً، مستغلة الثغرات القانونية والإدارية. هذا الوضع لم يعد يهدد مصالح الصيادين فحسب، بل يضع الأمن البحري الوطني على المحك ويشوّه صورة المغرب أمام الرأي العام الوطني والدولي.
تنظيم حركة المراكب داخل الموانئ أصبح ضرورة قصوى، ويجب منع أي مغادرة أو دخول للموانئ دون ترخيص رسمي واضح. كما أصبح فرض الالتزامات القانونية على جميع الأطراف، من سلطات ومجهزين ومهنيين، أمراً لا يمكن التساهل فيه. وتسريع إخراج “مدونة البحر” أصبح مطلباً استراتيجياً لإنقاذ القطاع من الانزلاق نحو الفوضى وتأمين المجال البحري.
الخط الدفاع الأول للثروة البحرية هم البحارة وحراس المراكب، ومن الواجب تحسين ظروفهم الاجتماعية والاقتصادية لضمان التزامهم وحمايتهم من الاستغلال. حماية الثروة البحرية لا يمكن أن تتحقق دون حماية العاملين فيها، وضمان استفادتهم من المكاسب المتزايدة لقطاع ارتفعت فيه أسعار الأسماك بينما بقيت أوضاعهم على حالها.
القطاع بحاجة اليوم إلى رؤية شاملة واستراتيجية قوية تحصنه من الانزلاق نحو الهجرة السرية أو أنشطة التهريب، تعيد الاعتبار للمهنيين، وتضع أسس موانئ آمنة ومنتجة، حماية للثروة الوطنية واستقراراً للأمن البحري والاقتصادي.
12/09/2025