محكمة النقض بالمغرب تعيد رسم ملامح النقاش القانوني حول حرية التعبير في الفضاء الرقمي من خلال قرار مثير يتعلق بتطبيق “واتساب”. ففي الرابع من دجنبر 2024، أصدرت المحكمة قرارها عدد 3/2095 لتضع حداً للتأويلات المتباينة بخصوص مفهوم التشهير الإلكتروني، معتبرة أن الرسائل الشخصية الموجهة بين طرفين عبر التطبيق لا تشكل تشهيراً، حتى وإن تضمنت عبارات قدحية أو اتهامات.
القضية تعود إلى حكم صادر عن محكمة الاستئناف، أدان أحد المواطنين بشهرين حبسا موقوف التنفيذ وغرامة مالية وتعويض مدني، قبل أن يطعن دفاعه الأستاذ عبد السلام المريني في القرار. وأمام محكمة النقض، تبين أن الرسائل التي بعث بها المتهم إلى المشتكي كانت شخصية ولم تنشر في أي مجموعة أو للعموم، وهو ما يجعلها خارج نطاق الفصل 447.2 من القانون الجنائي، الذي يجرم نشر ادعاءات أو وقائع كاذبة عبر الأنظمة المعلوماتية بغرض التشهير بالأشخاص.
هذا التمييز بين الرسائل الخاصة والتوزيع العام يكرس فهماً دقيقاً للجرائم الإلكترونية، ويحمي حرية التواصل الشخصي على المنصات الرقمية من أي تعسف أو توسيع غير مبرر لمفهوم التشهير. القرار يكتسي أهمية قصوى لأنه يشكل مرجعاً قضائياً في ضبط التوازن بين الحق في السمعة وحق الأفراد في التواصل الحر، في زمن باتت فيه التطبيقات الذكية الوسيلة الأولى للتخاطب وتبادل الآراء. ومن شأن هذا الموقف أن يفتح نقاشاً مجتمعياً وقانونياً واسعاً حول حماية الحياة الخاصة في مواجهة مخاطر التفسير الفضفاض للنصوص الجنائية، ويؤكد مرة أخرى أن القضاء المغربي حاضر في صلب التحولات الرقمية، حاملاً هاجس الإنصاف وضامناً لحقوق الأفراد.
12/09/2025