أدانت محكمة قادش الإقليمية، يوم أمس الخميس، سالفادورا ماتيوس، المندوبة السابقة للحكومة بسبتة، ومابيل ديو، نائبة رئيس حكومة سبتة، بتهمة التلاعب القانوني على خلفية إعادة 55 قاصراً إلى المغرب في غشت 2021. وقضت المحكمة بتجريدهما من تولي أي منصب عام لمدة تسع سنوات، معتبرة أن المسؤولتين انتهكتا قانون الأجانب واتفاقية الأمم المتحدة لحقوق الطفل.
وتعود تفاصيل القضية إلى ربيع وصيف 2021، حين دخلت مجموعات من القاصرين سبتة بطريقة غير نظامية، قبل أن تتم إعادتهم بسرعة إلى مركز القاصرين بمرتيل في المغرب. وقد سجّل خلال تلك الفترة دخول أكثر من 200 قاصر إلى الأراضي السبتية، في مشهد كشف هشاشة الرقابة الإسبانية وارتجالية تعامل السلطات مع الملف.
من جانبه، انتقد محمد بن عيسى، المتحدث باسم مرصد شمال حقوق الإنسان المغربي (ONDH)، هذه الإجراءات، مؤكداً أن عمليات الترحيل تمت دون إشراف قضائي إسباني، ومشيراً إلى أن الحكومة الإسبانية خرقت القوانين الدولية التي تضمن حقوق الأطفال.
وكانت النيابة العامة قد طالبت في البداية بمنع المسؤولتين من تولي أي منصب عام لمدة 12 سنة، فيما رفعت الجهة المدعية الخاصة العقوبة إلى 15 سنة، مع المطالبة بحرمانهما من الشرف المرتبط بالمناصب التي كانتا تشغلانهما. وقد استجابت المحكمة جزئياً لهذه المطالب، مضيفة إلزامهما بدفع تكاليف المحاكمة مناصفة.
وأكدت المحكمة أن ما بين 17 و18 ماي 2021 شهدت سبتة دخولاً جماعياً وغير نظامي لما يقارب 15 ألف مهاجر، بينهم نحو 1,200 قاصر. وخلص القضاة إلى أن مابيل ديو “اتخذت الإجراءات اللازمة لإعادة هؤلاء القاصرين بسرعة إلى المغرب” دون احترام أي مسطرة قانونية، وذلك بتنسيق مع سالفادورا ماتيوس، متجاوزتين الإطار القانوني المعتمد منذ 2007، ومتجاهلتين التشريعات الإسبانية والاتفاقيات الدولية.
وخلال جلسات المحاكمة، أكدت المسؤولتان أن العملية جرت بموافقة وزارة الداخلية الإسبانية، التي كانت على علم بكافة التفاصيل، وأن إعادة الـ55 قاصراً استندت إلى اتفاقية ثنائية موقعة عام 2007 بين المغرب وإسبانيا.
حالياً، عادت مابيل ديو إلى التدريس، بينما تقاعدت سالفادورا ماتيوس منذ إقالتها في أكتوبر 2022.
وتُظهر هذه القضية، وفق متابعين، كيف تحولت مسألة حساسة مثل حقوق الأطفال إلى ملف تُديره السلطات في سبتة بمنطق السرعة والتجاوزات القانونية، في مشهد اعتبره البعض درساً في “الإهمال القانوني” وغياب الحكامة، سيظل محفوراً في الذاكرة كأحد أبرز مظاهر سوء تدبير الملف الإنساني المرتبط بالقاصرين.