أوقفت عناصر الحرس المدني في ألكوديا (مايوركا) موظفًا بلديًا تورّط في تسجيل أكثر من 400 مهاجر، أغلبهم مغاربة، في سجلات الإقامة مقابل مبالغ مالية تُقدّر بحوالي ألف يورو لكل شخص.
وحسب التحقيقات الأولية، بدأ الموظف الإسباني، في أواخر الأربعينيات من عمره، استغلال منصبه منذ نوفمبر 2023 لتسجيل المهاجرين في منازل غير موجودة، أو أراضٍ غير مبنية، أو مساكن غير مكتملة، مستخدمًا توقيع رئيسة البلدية وأمينها، في ما اعتُبر احتيالًا صريحًا وواضحًا.
وأكدت رئيسة البلدية، فينا ليناريس، المنتمية للحزب الشعبي، أن عدد الحالات المزيفة بلغ 438، تم التحقق فعليًا من 430 منها، جميعهم مهاجرون غير نظاميين. وأوضحت أن البلدية ستبدأ بإلغاء تسجيل هؤلاء الأشخاص، نظرًا لعدم صحة العناوين المُثبتة، كما ستشارك كطرف مدني في الإجراءات القضائية ضد المتورطين.
الموظف، الذي بدأ العمل في البلدية كمؤقت في مايو 2023 قبل انتقاله إلى قسم التعاقدات، استغل خبرته السابقة في بلدية أخرى لتسهيل تسجيل الأجانب بطريقة احتيالية. وانكشفت القضية عندما حاول أحد المستفيدين الحصول على نسخة من تسجيله فلم يجدها في سجلات البلدية، رغم وجودها في نظام الإحصاءات الوطني (INE).
وتدخل الحرس المدني بعد التعرف على المشتبه به، حيث تم مصادرة حاسوبه واستجواب الشهود، وأُلقي القبض عليه صباح الأربعاء الماضي، فيما فتحت البلدية تحقيقًا تأديبيًا داخليًا.
هذه الحادثة ليست منعزلة؛ فقد كشفت الشرطة الوطنية الإسبانية العام الماضي عن تسجيل 85 شخصًا بطريقة غير قانونية في ثلاثة منازل بمدينة إينكا، أغلبهم مغاربة، بتواطؤ بعض الموظفين مع شبكات تهريب مزدهرة. ويستمر التحقيق لتحديد جميع المتورطين ومحاسبتهم، وسط استنكار شعبي واسع لهذا النمط المتكرر من الفساد الإداري.
وفي الوقت الذي تتحول فيه بعض الإدارات الإسبانية إلى سوق مفتوح للرشى وبيع الإقامات، يبقى السؤال مطروحًا: هل ستطال التحقيقات الأشخاص الذين سمحوا لهذه الفضائح بالوقوع؟ الشعب المغربي، كما يبدو، يراقب هذا المسرح الكوميدي بصبر وطرافة، مستمتعًا بمشهد “التدويرة واللاعقة” الذي لا ينتهي، وكأنه يتابع عرضًا مسرحيًا حيث كل من رفع القلم يظن نفسه الساحر، بينما الحقيقة واضحة: في هذا البازار الإداري، من يبيع الإقامة اليوم قد يجد نفسه مُشترٍ للفضائح غدًا، والضحك يبقى على الشعب الذي يرى كل شيء من وراء الستار، يصفق ساخرًا ويهمس: “حاميها حراميها… واللاعبون على المسرح لا يتوقفون عن تبديل الأقنعة” .
13/09/2025