عاد النقاش حول مبادرة الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، التي طرحها قبل نحو عقد، بشأن إنشاء قوة عسكرية عربية مشتركة أو ما يشبه “ناتو عربي”، إلى صدارة الاهتمام في ظل المستجدات الأمنية التي تشهدها المنطقة. ويرى خبراء في الأمن القومي أن العقبة لم تكن يوماً في قلة الموارد أو ضعف القدرات، بل في غياب الإرادة السياسية وتشتت الأولويات وتضارب المحاور الإقليمية. ويؤكد هؤلاء أن المشروع لا يزال ممكناً شريطة توفر قيادة موحدة، وإطار قانوني ملزم، وآلية تمويل مستدامة تضمن توزيعاً عادلاً للأعباء بين الدول الغنية والفقيرة.
المدافعون عن هذه الفكرة يعتبرون أن القوة العربية المشتركة، إذا وُجدت، ستكون بمثابة جيش نظامي متكامل قادر على خوض معارك برية وبحرية وجوية وفق أعلى مستويات التنسيق. وستشكل رسالة ردع قوية بأن العرب لم يعودوا أسرى التبعية، بل يمتلكون سلطة اتخاذ القرار وفرضه. ويستند هذا الطرح إلى الشرعية الدولية، حيث يتيح ميثاق الأمم المتحدة، ولا سيما مادته الثانية والخمسون، للدول إقامة تنظيمات إقليمية لحماية أمنها الجماعي. ويذهب خبراء القانون الدولي إلى القول إن هذه القوة لو وُجدت في السنوات الماضية لكانت منعت كثيراً من التدخلات الخارجية، ولأجبرت إسرائيل على التفكير ملياً قبل أي اعتداء.
في المقابل، يحذر محللون من أن أي “جيش عربي موحد” سيظل عاجزاً عن تحقيق توازن استراتيجي مع إسرائيل ما دامت هذه الأخيرة تحتفظ بترسانة نووية متقدمة ودعم أمريكي غير مشروط. وتشير تقديرات دولية إلى أن إسرائيل تمتلك ما بين 80 و400 رأس نووي، إضافة إلى وسائل إطلاق متطورة تشمل صواريخ باليستية وغواصات مزودة بصواريخ كروز نووية، فضلاً عن مقاتلات قادرة على حمل أسلحة نووية. ورغم ذلك، يرى البعض أن الأحداث الأخيرة، وعلى رأسها الهجوم الإسرائيلي على قطر، قد تعيد إحياء المبادرة المصرية وتدفع القمة العربية الإسلامية المرتقبة في الدوحة إلى إعادة فتح ملف “القوة العربية المشتركة” كخيار استراتيجي لمستقبل الأمن القومي العربي.
13/09/2025