kawalisrif@hotmail.com

رحيل الطيار المغربي صالح حشاد المتهم بمحاولة قتل الحسن الثاني في السماء

رحيل الطيار المغربي صالح حشاد المتهم بمحاولة قتل الحسن الثاني في السماء

في صمت مُهيب، أسدل الموت ستاره اليوم بمدينة القنيطرة على الطيار المغربي السابق صالح حشاد، واحد من أكثر الأسماء التي حفرت بعمق في ذاكرة الطيران الحربي بالمغرب، ورمزًا حيًا لسنوات المجد والانكسار، والناجي بأعجوبة من جحيم تزمامارت الرهيب.

وُلد حشاد سنة 1938 ببني ملال، ليشق طريقه مبكرًا نحو العسكرية بمراكش سنة 1957، ثم يطير عاليًا إلى فرنسا حيث تدرّب على قيادة المقاتلات الحربية قبل أن يعود متفوقًا، ممثلًا جيلاً جديدًا من الطيارين المغاربة. سرعان ما أصبح أحد الطيارين الذين حلقوا بـ”الميغ” السوفياتية، التي شكلت آنذاك أيقونة القوة الجوية المغربية، وكان آخر من ودّعها في عرض جوي تاريخي سنة 1965، إيذانًا بانتقال المغرب إلى التحالف العسكري مع الولايات المتحدة.

لم يكن مجرد طيار عادي؛ ففي سماء أوكلاهوما، حيث تدرب على مقاتلات F5 الأميركية، انتزع لقب “Top Gun” كأول أجنبي يُتوَّج به، متفوقًا على زملائه الأميركيين، قبل أن يعود إلى المغرب محملاً بالخبرة والهيبة. مسيرته الاستثنائية قادته لاحقًا إلى دراسات عليا في الكلية الجوية بولاية ألاباما، حيث لمع اسمه من جديد كأول طيار غير أميركي يشارك بطائرته الخاصة في حفل التخرج، اعترافًا بتفوقه الذي أدهش الجميع.

لكن مجده اصطدم بقدرٍ ثقيل في صيف 1972. فبينما كان يقود سربًا لمرافقة الطائرة الملكية العائدة من فرنسا، تحولت المهمة إلى كابوس بعد أن انقلب ثلاثة طيارين على العهد، وفتحوا النار على طائرة الملك الحسن الثاني. نجا الملك بأعجوبة، وسقط كثير من الضباط بين قتيل وسجين، بينما أُسدل الغموض على نهاية أوفقير. أما صالح حشاد، فحُكم عليه بعشرين عامًا من السجن، قضى منها 18 عامًا كاملة في عتمة تزمامارت، ذاق خلالها صنوف العذاب قبل أن يخرج شاهدًا على عصر الرصاص والانقلابات.

اليوم، برحيل صالح حشاد، يطوي المغرب صفحة مثقلة بالتاريخ: طيارٌ عاش بين القمم والهاويات، بين سماء البطولات وظلام الزنازين، تاركًا خلفه سيرة لا يمكن أن تُختزل في كلمة واحدة، سوى أنها حكاية رجل عاش على ارتفاع شاهق… وسقط في هوة عميقة، قبل أن ينهض من جديد شاهداً على زمن لن يتكرر.

14/09/2025

Related Posts