kawalisrif@hotmail.com

في 14 دجنبر المقبل … استفتاء لتقرير مصير القبائل المحتلة أو إعلان الاستقلال الأحادي عن المستعمر الجزائري

في 14 دجنبر المقبل … استفتاء لتقرير مصير القبائل المحتلة أو إعلان الاستقلال الأحادي عن المستعمر الجزائري

فرحات مهني، زعيم حركة “الماك” ورئيس “الحكومة المؤقتة للقبائل المحتلة “، خرج بخطوة غير مسبوقة، موجها رسالة رسمية إلى تبون ومن يديره من جنرالات الجزائر ، يطالب فيها بتنظيم استفتاء لتقرير مصير منطقة القبائل، محددًا يوم 14 دجنبر موعدًا لإعلان الاستقلال الأحادي إذا استمر النظام في سياسة الهروب والإنكار.

هذه المطالبة لا يمكن اختزالها في نزوة سياسية عابرة، بل هي لحظة مفصلية تعيد إحياء جرح تاريخي ظلّ ينزف منذ أن ضُمّت القبائل قسرًا إلى الجغرافية الفرنسية حينذاك سنة 1857، مرورًا بانتفاضة المقراني سنة 1871، وصولًا إلى المواجهة مع ما سُمي بـ”جزائر الاستقلال” منذ 1963. وكأن التاريخ يصرّ على التذكير بأن علاقة القبائل بالسلطة المركزية لم تُبنَ يومًا على تعاقد عادل، بل على الهيمنة والقمع.

المفارقة الكبرى أن الجزائر التي تصرخ في كل محفل دولي بحق “تقرير المصير” لشعب آخر، وتلوّح به كورقة وحيدة في قضية الصحراء المغربية، تجد نفسها اليوم عارية أمام مرآتها :   كيف تبرر حرمان القبائل من نفس الحق الذي تقدمه للآخرين وكأنه هدية مقدسة؟ إنها ازدواجية تكشف ليس فقط ضعف خطاب النظام، بل انهيار مصداقيته أمام الرأي العام الدولي.

ما يزيد من قوة رسالة مهني أنها لا تكتفي بالشعارات، بل تستند إلى نصوص ومرجعيات قانونية دولية: ميثاق الأمم المتحدة، القرار 1514، العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية، إعلان حقوق الشعوب الأصلية… بل وحتى الدستور الجزائري لسنة 2020. أي أن مطلب الاستفتاء لا يخرج عن قواعد الشرعية الدولية التي طالما تغنّت بها الدبلوماسية الجزائرية خارج حدودها.

لكن الرد الرسمي ظل على الدوام أسير القاموس نفسه : القمع، الإنكار، والمطاردة. وهو ما دفع الحركة إلى التلويح بالاستقلال الأحادي كورقة أخيرة، في مشهد يكشف عن انسداد كامل وانفصال جذري بين الدولة والشعب القبائلي.

الرسالة سلّطت الضوء على واقع دامغ: القطيعة الشاملة بين القبائل ومؤسسات الدولة الجزائرية. منذ عقود، تقاطع المنطقة الانتخابات والاستفتاءات، لا تعترف بالدساتير ولا بالبرلمانات، وترى في الدولة المركزية جهازًا غريبًا مفروضًا بالقوة. رفضٌ دائم لأي هوية مفروضة أو انتماء مصطنع، وتمرّد متجذر منذ زمن بعيد على كل محاولات الذوبان في “جزائر ما بعد الاستعمار”.

السيناريوهات التي تلوح في الأفق خطيرة:

داخليًا: إمكانية انفجار مواجهات قد تعصف بما تبقى من استقرار هش.

خارجيًا: وضع الجزائر في مرمى المجتمع الدولي أمام “قضية تقرير مصير” جديدة شبيهة بكوسوفو أو تيمور الشرقية.

إقليميًا: ارتداد سلاح “تقرير المصير” الذي طالما استُخدم ضد المغرب وفي أرضه ، ليصيب صاحبه في عقر داره.

اليوم، يقف النظام الجزائري أمام لحظة الحقيقة: إما أن يعترف بالقبائل كجزء من معادلة وطنية تتطلب حوارًا حقيقيًا وعقدًا سياسيًا جديدًا، أو أن يغامر بالانزلاق إلى مواجهة قد تفتح صفحة أكثر ظلامًا في تاريخه.

إنها كرة نار رماها فرحات مهني في قلب المرادية، ولا أحد يعلم كيف سيخمد لهيبها، لكن المؤكد أن شبح “تقرير المصير” الذي زرعته الجزائر في قضية الصحراء المغربية عاد ليطاردها من الداخل .

14/09/2025

Related Posts