اعتبر باحثون مغاربة في العلوم السياسية أن المشاورات الجارية بين الأحزاب السياسية ووزارة الداخلية تمثل فرصة حقيقية للخروج من حالة التشابه الإيديولوجي التي ميزت المشهد الحزبي لسنوات، مؤكدين أن هذه اللقاءات ينبغي أن تكون نقطة انطلاق لإرساء تعددية سياسية حقيقية تعكس اختلاف البرامج والرؤى، بدل الاكتفاء بتعددية حزبية شكلية أصبحت عبئًا على المشهد العام. وأشاروا إلى أن ضعف التعبير عن تيارات فكرية واضحة أفقد الأحزاب هويتها المرجعية وأدخلها في دوامة التشابه والتكرار، داعين إلى استغلال هذه المشاورات لإعادة ترتيب الأولويات والانتصار لتعددية فعلية تعكس تطلعات المجتمع المغربي.
وأكد الأكاديمي عبد العزيز القراقي أن التعددية السياسية الحقيقية لا تُقاس بعدد الأحزاب فقط، بل بمدى تمثيلها لتيارات فكرية حقيقية داخل المجتمع، مشيرًا إلى أن الوضع الحزبي الحالي يفتقر إلى الاختلاف الفكري والبرامجي، إذ تتشابه الأحزاب إلى حد يصعب معه التمييز بين موقعها في الأغلبية أو المعارضة، كما أن التحالفات القائمة غالبًا ما تكون مصلحة ظرفية وليست قائمة على رؤية فكرية مشتركة. وأضاف القراقي أن المشاورات الحالية تظهر الأحزاب تعمل بشكل فردي، ما يعكس غياب تصور جماعي مبني على تقارب فكري واضح، وهو ما يفقد التعددية معناها الديمقراطي الحقيقي.
من جانبه، شدد الباحث في القانون عبد الحفيظ أدمينو على أهمية هذه المشاورات في إتاحة الفرصة للأحزاب لتقديم مقترحاتها حول المنظومة الانتخابية، مؤكدًا أن التعددية الحقيقية رهينة بإطار قانوني يضمن تكافؤ الفرص وولوج التمويلات العمومية، بما يتيح تنافسًا نزيهًا على البرامج والأفكار والمرشحين. وأوضح أن المرحلة الحالية تتطلب من الأحزاب تقديم برامج واقعية وسيناريوهات قابلة للتنفيذ، مع التركيز على بناء الكفاءات التي تبلور التصورات وتغني المرجعيات، بما يعيد الاعتبار للفعل السياسي ويعزز ثقة المواطنين في المؤسسات الحزبية والانتخابية على حد سواء.
15/09/2025