في ليلة بدت كأنها مقتطعة من سيناريو فيلم هيتشكوكي، تحوّلت أزقة أولاد تايمة ضواحي أكادير إلى مسرح لأحداث مثيرة حبست أنفاس السكان، بعدما شهدت عملية سطو غريبة انتهت بأوراق نقدية تتطاير في الهواء، وسط ذهول المارة وهرولة الشرطة.
المشهد بدأ حين اقتحم شابان في مقتبل العمر منزل قريبة أحدهما بعد تكسير الباب، ليستوليا على مبلغ مالي مهم. لكن ما لم يحسب له اللصان حساباً هو عيون الجيران التي ضبطت تحركاتهما، لتتحول دقائق الهلع إلى سباق مع الزمن. ومع اقتراب الشرطة، قررا تنفيذ مناورة يائسة: رمي الأموال من فوق السطح في محاولة لتشتيت الانتباه. فجأة، تساقطت أوراق الدرهم كالمطر، لتتحول الأزقة إلى فوضى حيث اندفع العشرات يلتقطون ما تيسّر لهم من المال، فيما توثّق الهواتف المشهد الذي سرعان ما اجتاح مواقع التواصل الاجتماعي.
لكنّ “السيناريو” لم يكتمل كما أراد اللصان؛ فالتدخل الأمني السريع وضع حدّاً لمحاولتهما الفاشلة، حيث جرى توقيفهما على الفور رفقة صاحبة المنزل، التي سرعان ما كشفت التحقيقات الأولية أنّها لم تكن سوى واجهة لممارسات غامضة تتعلق بـ”الشعوذة” تحت غطاء الطب التقليدي.
وعند مداهمة البيت، اصطدم المحققون بمفاجأة أكبر: أكثر من 600 ألف درهم بين العملة الوطنية والأجنبية، إلى جانب زجاجات سوائل مجهولة، أدوات طقوس غريبة، وصور شخصية يُشتبه في توظيفها في أعمال السحر. مشهد بدا وكأنه تقاطع بين الجريمة المنظمة وعالم الدجل.
النيابة العامة أمرت بإيداع الشابين رهن الاعتقال الاحتياطي، فيما لا تزال صاحبة المنزل تخضع لتحقيقات دقيقة لكشف خيوط هذه القضية، التي تداخلت فيها مفاهيم المال، الجريمة، والشعوذة في حبكة أقرب إلى رواية بوليسية.
وفي الوقت نفسه، تحوّلت الفيديوهات التي أظهرت المواطنين يتسابقون على جمع الأوراق المالية المتطايرة إلى مادة للنقاش الحاد، بين من اعتبر المشهد “فضيحة أخلاقية” ومن رآه انعكاساً للهوة الاجتماعية التي تجعل من المال المتساقط من السماء فرصة لا تُفوت.
قضية أولاد تايمة لم تكشف فقط عن سرقة فاشلة، بل سلّطت الضوء على مفارقة صادمة: مدينة تصحو على كابوس المال المسروق والشعوذة المتسترة، في مشهدٍ يصعب تصنيفه بين الواقع والخيال.
16/09/2025
