في نهاية أسبوع مثقل بالمطاردات البحرية، وجّهت عناصر الحرس المدني الإسباني ضربة جديدة لشبكات تهريب المخدرات الناشطة في مضيق جبل طارق، بعدما تمكنت من حجز ما يقارب سبعة أطنان من الحشيش. العملية التي اتخذت طابعًا سينمائيًا لم تخلُ من مشاهد الإثارة، حيث أجبرت مطاردات عنيفة زوارق المهربين على رمي مئات الرزم في البحر، في محاولة يائسة لتخفيف الحمولة والإفلات من قبضة السلطات.
أولى هذه المطاردات جرت قبالة “بونتا كامارينال”، الرأس الواقع على الساحل الأطلسي لشمال مضيق جبل طارق في طريفة، حيث استنفر الحرس المدني دورياته لاعتراض زورق مشبوه متجه نحو سواحل سبتة. تحت ضغط المطاردة، اضطر المهربون إلى التخلص من أكثر من 50 رزمة ألقيت في عرض البحر، قبل أن يتم انتشالها بوزن ناهز طنين من الحشيش. ولم تكد ساعات تمضي حتى تكررت القصة جنوب طريفة، هذه المرة مع ستة أشخاص على متن زورق آخر، انتهى مصيره إلى ترك ما يقارب 4.5 أطنان في البحر، قبل أن تستعيدها الدوريات البحرية وتحوّلها إلى المحجوزات الرسمية.
بذلك، بلغ الحصاد الإجمالي أكثر من 6.7 أطنان، أي ما يعادل 9 ملايين يورو في السوق السوداء الأوروبية. عملية ضخمة أضافت إلى إسبانيا نقطة أخرى في سجل حربها الطويلة ضد شبكات التهريب التي تتخذ من السواحل المغربية منصات انطلاق. لكن، ورغم حجم العملية، تبقى الأسئلة معلقة حول جدوى هذه الحملات التي تتكرر دون أن توقف ماكينة التهريب أو تكسر شهيته المتجددة.
وفي مفارقة تكاد تختزل اللعبة برمّتها، فإن جزءًا من هذه المحجوزات يجد طريقه في إسبانيا إلى مزادات علنية، حيث تباع للمختبرات وشركات الأبحاث تحت مسميات قانونية. أما في المغرب، فالمشهد مختلف تمامًا: الشاحنات المحملة بالمحجوز تُقاد مباشرة نحو الأفران الكبيرة حيث تُحرق كأنها خطيئة جماعية يجب محوها بالدخان. هنا يُهدر المال العام على شكل دخان يتصاعد نحو السماء، وهناك يُحوَّل إلى عائدات تملأ الخزينة.
والنتيجة، كما يتهكّم الشارع المغربي، أن إسبانيا تعرف كيف تُعيد تدوير “الحشيش المحجوز” ليخدم البحث العلمي والاقتصاد، بينما المغرب يصرّ على إحراقه باسم القانون والأخلاق، ليحرق معه فرص التنمية وإرادات الإصلاح. أما الفارق بين الجارين، فلا يحتاج إلى قوارب مطاردة، بل إلى قوارب تفكير.
17/09/2025