حسمت المحكمة التجارية بالدار البيضاء مصير سفينة الشحن “LINDEN”، التي ترفع علم سانت كيتس ونيفيس، بعد أن تركت منذ يناير الماضي عالقة قبالة ميناء المحمدية في وضعية إهمال خطيرة. فقد تقرر تفكيك السفينة التي تجاوز عمرها 40 سنة وبيع حطامها، مع تحميل مالكها كامل المسؤولية عن التكاليف المترتبة عن التخلي عنها، وذلك استنادًا إلى تقرير المسح البحري الذي أكد أن الباخرة لم تعد صالحة لا للإبحار ولا لأي نشاط تجاري، كما صنّف وجودها خطرًا داهمًا على البيئة والملاحة.
ورفضت المحكمة في المقابل طلبًا آخر باسترجاع تكاليف صيانة، لغياب أدلة تثبت صحة الادعاء. وقد أعادت القضية إلى الواجهة إشكالية السفن المهجورة والمتقادمة التي كثيرًا ما ترفع “أعلام ملاذ آمن” لتفادي المسؤولية القانونية، وهو ما يشكل تهديدًا مباشرًا للبيئة البحرية والبنيات التحتية للموانئ. وسبق أن عرفت السواحل المغربية حوادث مماثلة، أبرزها جنوح سفينة “ليفانا” بميناء مارينا سمير سنة 2023 بكلفة تفكيك قاربت 30 مليون درهم، وجنوح سفينة “AGT 01” بعين السبع في الدار البيضاء، ومحاولة سفينة “WHITE LABEILLE” الانجراف نحو سيدي بوزيد نهاية 2024.
القرار القضائي الأخير ينسجم مع المقتضيات الوطنية التي تفرض على مالكي السفن ضمان صيانتها واستمرار صلاحيتها للإبحار، كما يواكب الاتفاقيات الدولية لحماية البيئة البحرية مثل اتفاقية ماربول وقانون البحار. لكن استمرار هذه الحوادث يضع أمام المغرب تحديًا متزايدًا يتمثل في تعزيز آليات المراقبة البحرية ورفع التنسيق بين القضاء والسلطات المينائية وتفعيل سياسات وقائية صارمة للكشف المبكر عن السفن المتهالكة. وبهذا فإن تفكيك “LINDEN” لا يكتفي بإنهاء وضعية سفينة مهجورة، بل يكرس مبدأ المسؤولية البيئية والمالية، ويؤشر على وعي متنامي بضرورة حماية السواحل الوطنية من المخاطر الملاحيّة، خاصة في سياق يعرف تزايدًا لحركة النقل البحري وضغطًا متصاعدًا على الموانئ المغربية.
19/09/2025