في مشهد يذكّر بأجواء الحرب الباردة، أقدمت إسبانيا يوم 17 شتنبر 2025 على إطلاق عملية عسكرية واسعة تحت اسم “سينيرجيا 25”، حركت بموجبها ألف جندي نحو بؤر جغرافية شديدة الحساسية، تمتد من جزر الكناري والبليار إلى مدينتي سبتة ومليلية والجزر الصغيرة المتناثرة على أطراف المتوسط.
العملية التي أعلنتها وزارة الدفاع الإسبانية لم تقتصر على الجانب البري فقط، بل جاءت بتنسيق محكم بين القوات البرية والبحرية والجوية، وصولًا إلى وحدات الأمن السيبراني والفضاء. الهدف المعلن: “تعزيز المراقبة والحضور العسكري في نقاط تراها مدريد حيوية لأمنها القومي”.
وتضمّن التحرك نشر منظومات دفاع جوي حديثة في قاعدة غاندو بالكناري، وتسيير السفينة الحربية BAM Meteoro قبالة السواحل، فضلًا عن تعزيز الفيلق الإسباني في مليلية والجزر الجعفرية، مع تكثيف الدوريات حول جزيرة ليلى (بيريخيل).
لكن خلف ستار التصريحات الرسمية التي وصفت العملية بأنها “روتينية”، يقرأ مراقبون المشهد بشكل مختلف: رسائل سياسية موجهة إلى المغرب. فعودة التوترات حول ملفات الهجرة غير النظامية وترسيم الحدود البحرية تجعل من أي تحرك عسكري إسباني في الجوار محاطًا بريبة مغربية بالغة.
خبراء في الشأن الإستراتيجي يرون أن “سينيرجيا 25” تحمل بعدًا رمزيًا لا يقل أهمية عن بعدها العسكري. فمدريد تحاول تكريس حضورها في الجزر المتنازع عليها، في وقت يشهد فيه المغرب توسعًا ملحوظًا في نفوذه الدبلوماسي والعسكري إقليميًا.
الأكثر من ذلك، أن هذه المناورة تعكس قلقًا إسبانيًا عميقًا من التحولات الجيوسياسية، حيث يرسّخ المغرب موقعه كشريك استراتيجي للاتحاد الأوروبي في ملفات الهجرة والطاقة والأمن.
ومع أن العلاقات بين الرباط ومدريد عرفت في الأشهر الماضية انفراجًا نسبيًا بفضل التنسيق في قضايا الاقتصاد والهجرة، إلا أن هذه العملية قد تعيد شيئًا من البرودة. فالمغرب يقرأ أي تعزيز عسكري بمحاذاة حدوده كخطوة رمزية تنطوي على أكثر من مجرد تدريب عسكري روتيني.
20/09/2025