ما يقع في جماعة تمسمان لم يعد مجرد تكدّس عادي للنفايات، بل تحول إلى مجزرة بيئية وصحية مفتوحة، عنوانها: حرق الأزبال بشكل يومي ومنهجي، وسط صمت قاتل من السلطات والمجلس الجماعي.
في كرونة المركز، امزورو، اشان وبني مليكشن، لا يحتاج السكان إلى نشرات جوية لمعرفة الطقس: السماء ملبدة دومًا بدخان أسود كثيف، روائح خانقة تنفذ إلى الرئتين كخناجر مسمومة، وأطفال ومرضى يصارعون أوجاع الحساسية والأمراض الصدرية، بينما المسؤولون يتفرجون وكأن الأمر لا يعنيهم.
الأخطر أن الجريمة ليست عفوية؛ مصادر محلية تكشف أن وراء هذه الكارثة أشخاصًا يضرمون النار عمدًا في النفايات بحثًا عن النحاس وبقايا المعادن. بين هؤلاء متقاعدون “يقتاتون من جثث البيئة”، عون نظافة معروف باسم “شريبي”، وشخصان من قرية اشان، وحتى جار لا يبعد سوى 50 مترًا عن المزبلة متورط في هذه الأفعال التي وُصفت من قبل الساكنة بـ”الأعمال الشيطانية”.
أهالي تمسمان، الذين تحولت حياتهم إلى جحيم يومي، لم يجدوا سوى الصراخ في الفراغ: “إلى متى سنظل رهائن دخان الموت؟ إلى متى ستظل أرواحنا تُساوَى بكيلوغرام من النحاس أو الحديد؟”
إنها ليست فقط أزمة نفايات، بل فضيحة صادمة تعكس هشاشة المنظومة البيئية وغياب أدنى حس بالمسؤولية. والساكنة اليوم لم تعد تطلب وعودًا جوفاء، بل قرارًا حاسمًا يضع حدًا لهذا العبث قبل أن تتحول تمسمان إلى مقبرة جماعية مفتوحة.
في تمسمان، الموت لا يأتي عبر حوادث الطرقات أو أوبئة نادرة، بل يتسلل يوميًا مع كل نفس يُسحب من هواء مسموم. والسؤال الذي لن يسامح التاريخ عليه: هل تنتظر السلطات تقريرًا طبّيًا يحمل توقيع “الوفاة بسبب الدخان” حتى تتحرك؟