kawalisrif@hotmail.com

الشباب بين عزلة المنصات الرقمية وإقصاء المنابر التقليدية

الشباب بين عزلة المنصات الرقمية وإقصاء المنابر التقليدية

حين يُقصى الشباب من فضاءات المشاركة ويُحاصرون في زوايا التهميش، يجدون ملاذهم في عوالم رقمية موازية تصوغ قوانينها الخاصة وتبتكر لغتها المميزة. منصة “ديسكورد”، التي وُلدت كأداة للتواصل بين محبي الألعاب الإلكترونية، سرعان ما تحولت إلى فضاء للنقاشات الجدية وتنظيم الاحتجاجات، حيث وجد جيل كامل فيها متنفسًا بعدما أُغلقت أمامه أبواب الإعلام والسياسة التقليدية. هذا التحول لم يكن خيارًا بقدر ما كان نتيجة لغياب البدائل وإصرار المجتمع على اختزال الشباب في قوالب ضيقة وصور نمطية.

غير أن هذه الفضاءات الرقمية ليست دائمًا محايدة، فهي عوالم مفتوحة على احتمالات يصعب التحكم في مساراتها. التجارب السابقة أثبتت أن صفحات ومجموعات افتراضية بدأت بمطالب مشروعة تحولت تدريجيًا إلى ساحات للتطرف أو التلاعب بالرأي العام. غرف “تيليغرام” التي انطلقت بحراك سلمي سرعان ما استُغلت لنشر خطاب متشدد أو بث الإشاعات. اليوم، يبقى السؤال: هل يمكن أن يتحول “ديسكورد” إلى مختبر جديد لهذا الانزلاق؟ في ظل غياب متابعة واعية، يكفي خيط واحد يُسحب من الظل ليوجّه نقاشًا بسيطًا نحو مسارات أكثر خطورة.

مع ذلك، فإن الشباب ليسوا مجرد رقم يُستحضر في الحملات الانتخابية ولا أصواتًا لتزيين صناديق الاقتراع، بل هم طاقة متقدة وعقول تبحث عن الاعتراف والإنصات. تجاهلهم خطأ استراتيجي، واحتقارهم تفريط في المستقبل. مبادرات إعلامية مثل تجربة “رياكشن” على ميد راديو، التي منحت الشباب مساحة للتعبير بعيدًا عن الوصاية، تفتح نافذة أمل لإعادة بناء الثقة. المطلوب اليوم هو كسر الصور النمطية، مخاطبة الشباب بلغتهم دون التخلي عن القيم المشتركة، وتحويل العالم الرقمي من ساحة معزولة إلى جسر للتواصل الحقيقي. فالخطر ليس في هذه المنصات ذاتها، بل في تركها بلا تفاعل ولا توجيه، لتتحول إلى شارع افتراضي قد يسبق الجميع في صياغة المشهد المقبل.

26/09/2025

Related Posts