لم يعد الحديث عن شبكات التهريب الدولي للمخدرات مقتصراً على الحدود الإسبانية أو الموانئ الأطلسية، بل اتسعت خيوط اللعبة لتشمل دول الساحل والصحراء، حيث يبرز اسم رضوان الملقب بـ”الصفرة” الجزائري المقيم في المغرب ، والحاصل على الجنسية المغربية بطرق غير قانونية، كأحد أخطر الأسماء المتورطة في هذا العالم المظلم.
يقدَّم رضوان الملقب ب “الصفرة” في الأوساط الأمنية كـ”بارون ظل” يتحرك بخفة عبر حدود دولية، مستعيناً بجوازات سفر متعددة، من بينها جنسية مغربية مزورة مكنته من التنقل بحرية داخل التراب المغربي وأحيانا خارجه. هذا المعطى يطرح سؤالاً خطيراً : من يقف وراء تمكين هذا المجرم من وثائق رسمية مزورة تسمح له بالتخفي وكأنه مواطن عادي؟
اعتمد “الصفرة” الذي يمتلك إستثمارات ضخمة في وجدة والسعيدية والدار البيضاء وحتى مراكش … على شبكة تهريب محكمة تمتد من السواحل الغربية لإفريقيا، مروراً بمالي والنيجر وتشاد، وصولاً إلى ليبيا ، ثم المغرب. هذه المسالك التي تصفها تقارير أمنية بـ”خطوط الموت” تُستخدم لتمرير شحنات ضخمة من الكوكايين القادم من أميركا اللاتينية، بالإضافة إلى كميات هائلة من الأقراص المهلوسة “القرقوبي” التي تُغرق الأسواق المغربية .
لا يكتفي “الصفرة” بدور الناقل، بل يملك شبكات توزيع مرتبطة بعصابات دولية في أمريكا الجنوبية وإسبانيا وفرنسا وبلجيكا، حيث يتم تبييض الأموال عبر استثمارات وهمية، وشركات واجهة تعمل في مجالات البناء والتجارة والتصدير والاستيراد.
المخدرات التي يهرّبها “الصفرة” ليست مجرد بضاعة غير قانونية، بل سلاح مدمر يضرب عمق المجتمع المغربي ، حيث ينتشر القرقوبي في أوساط الشباب كالنار في الهشيم، بينما يتسبب الكوكايين في بروز شبكات عنف، جرائم قتل، وتفكيك أسر بأكملها. الأخطر أن هذه الشبكات، بما فيها شبكة “الصفرة”، باتت تشكل تهديداً مباشراً للأمن القومي وللاستقرار الاقتصادي، من خلال استنزاف الطاقات الشابة وإدخال الأموال السوداء في الدورة الاقتصادية.
في ظل هذه الوقائع المثيرة، يطالب الرأي العام، ومعه فعاليات المجتمع المدني، بضرورة فتح تحقيق قضائي عاجل وشامل في مسار هذا البارون الخطير. وهنا يتجه الأنظار إلى السيد الوكيل العام بمحكمة الاستئناف بوجدة، المعروف بمصداقيته ونزاهته وتشدده في تطبيق القانون، باعتباره رجل المرحلة القادر على تفكيك خيوط هذه الشبكة وكيفية حصول قائدها الجزائري على الجنسية المغربية ؟؟؟ وكشف كذلك المتورطين في تمكين “الصفرة” من وثائق مزورة وغطاء سياسي واقتصادي مشبوه.
يبقى السؤال المطروح : هل ستنجح العدالة المغربية في إسقاط “الصفرة” وتفكيك إمبراطوريته الإجرامية الممتدة عبر القارات؟ أم أن هذا البارون سيظل يستغل ثغرات الحدود والجنسية المزورة لمواصلة أنشطته في الظل؟
المؤكد أن الوقت لم يعد يحتمل التأجيل، فشبكات التهريب الدولي التي يمثلها “الصفرة” تزداد خطورة يوماً بعد آخر، وتتحول إلى سرطان حقيقي يهدد المغرب ودول الجوار.
26/09/2025