في واحدة من أكبر فضائح القطاع الطبي بولاية بافاريا الألمانية، أوقفت السلطات الطبيب السوري حسن.ع بتهمة الاحتيال على نظام التأمين الصحي بمبالغ تُقدر بحوالي 1.6 مليون يورو، في قضية تُظهر هشاشة الرقابة على الفواتير الطبية وإمكانية استغلال الثغرات القانونية لتحقيق أرباح خيالية.
التحقيقات كشفت أن الطبيب استغل موقعه المهني على مدى ثلاث سنوات (2021 – 2024) لتسجيل آلاف الخدمات الطبية الوهمية، بما فيها أكثر من 6000 زيارة منزلية لم يقم بها، ونحو 600 استشارة هاتفية صُنفت خطأً كجلسات حضورية لتحصيل أتعاب أكبر، ما يكشف نمطًا ممنهجًا من الاحتيال على المرضى والنظام الصحي الألماني.
القضية انطلقت بعدما رصدت جمعية أطباء التأمين الصحي في بافاريا (KVB) مخالفات متكررة في فواتير الطبيب، لتتقدم ببلاغ رسمي، فتولت وحدة مكافحة الاحتيال والفساد في قطاع الصحة التحقيق، وأسفرت عن توجيه 13 تهمة رسمية بالاحتيال ضد المتهم.
وخلال مداهمة الشرطة لشقته، اكتشف المحققون مبالغ نقدية كبيرة، بالإضافة إلى سبائك ذهبية تُقدر قيمتها بـ300 ألف يورو، وسيارة فاخرة يزيد سعرها عن 200 ألف يورو، ما يطرح تساؤلات حول نمط حياة الطبيب وطرق تمويله، ويؤكد حجم الأرباح غير المشروعة التي تحققت من خلال التلاعب بالنظام الصحي.
الطبيب يقبع الآن في الحبس الاحتياطي بانتظار المحاكمة، بينما تسعى السلطات إلى مصادرة الأموال والممتلكات التي حصل عليها بطرق غير قانونية. وتشير المصادر القانونية إلى أن هذه القضية قد تصبح نقطة مرجعية لكيفية تعامل القضاء الألماني مع ملفات الاحتيال في القطاع الصحي، ومدى فعالية الرقابة على الممارسات المهنية للأطباء.
تطرح هذه الفضيحة تساؤلات واسعة عن استغلال بعض الأطباء المهاجرين للمراكز الصحية الأوروبية، وكيف يمكن لبعضهم الانزلاق نحو ممارسات غير قانونية تحت غطاء المهنة، مستفيدين من ضعف الرقابة والبيروقراطية المعقدة. كما تفتح النقاش حول ضرورة تعزيز الشفافية والمساءلة، ليس فقط لحماية أنظمة التأمين الصحي، بل أيضًا لسمعة المهاجرين المهنيين الذين يلتزمون بأعلى المعايير المهنية.
تذكّر هذه القضية بأن الفساد الفردي، مهما كان حجمه، قد يتحوّل إلى قضية رأي عام كبرى، تهدد الثقة بين المواطن والنظام الصحي، وتدفع السلطات إلى مراجعة بروتوكولات الرقابة وإجراءات المتابعة بشكل عاجل وحازم، لتفادي تحول الفوضى الفردية إلى أزمة نظامية.
28/09/2025
