kawalisrif@hotmail.com

ميضار … حلم العاصمة الضائع بين نزاهة الطاوس وفتونة “بوصميض”

ميضار … حلم العاصمة الضائع بين نزاهة الطاوس وفتونة “بوصميض”

منذ أن جرى فصل إقليم الدريوش عن الناظور، كان الرهان الأكبر أن تتحول ميضار إلى عاصمة الإقليم، لما لها من موقع استراتيجي وحيوية ديمغرافية وتجارية. غير أنّ الحلم ما يزال معلقاً في الهواء، بعدما تحوّلت المنطقة إلى مسرح لصراعات عقيمة ووجوه متجاوزة، بدل أن تكون ورشاً مفتوحاً للتنمية .

في قلب هذه المعادلة يقف اسم عبد السلام الطاوس، رئيس المجلس الجماعي لميضار. رجل يختلف عن السائد: موظف ، يكتفي براتبه ككاتب عام بإحدى الجماعات الترابية، لا يملك شركات ولا عقارات، ومع ذلك يُجمع حتى خصومه على نزاهته وكفاءته. الطاوس اليوم أشبه بزهرة وسط غابة من الأشواك؛ إذ تحيط به ذئاب انتخابية تضغط عليه لتوقيع رخص بناء غير قانونية وصفقات مشبوهة، وحين يرفض، ينقلبون عليه ويطلقون حملات مغرضة لتشويه صورته.

وما يزيد من قوة هذا الرجل هو أنّ الساكنة الغيورة وفعالياتها الحقيقية ، داخل ميضار وخارجها، تتمسك بعودته من جديد لتولي رئاسة الجماعة، بل وتدفعه للترشح لنيل مقعد برلماني، كي يكون صوتاً صريحاً ومدوياً في وجه التهميش الممنهج بالإقليم ككل … فالمنطقة اليوم تُصنَّف عملياً خارج منظومة التنمية، ومقصية من برامج التأهيل، ما يجعل الحاجة إلى صوت نظيف وقوي ومثقف من طينة الطاوس أكثر إلحاحاً من أي وقت مضى.

وإذا كان الطاوس هو الوجه المشرق للنزاهة، فإن الوجه القاتم في المشهد بميضار والضواحي هو محمد بوصميض، الرئيس السابق لجماعة أزلاف. رجل لا يحمل من السياسة سوى قبحها: يزرع الانقسام داخل قبيلة بني توزين، يروّج الفتنة، ويستقدم مافيات انتخابية من خارج المنطقة، فيحوّل أصوات الناخبين إلى سلعة في سوق نخاسة انتخابية رخيصة. السياسة عنده ليست خدمة عمومية، بل “بازار” تُباع فيه الذمم كما تباع الخضر في السوق الأسبوعي.

هذا المنتخب الذي التصق به لقب صار لعنة على منطقته، لم يترك وراءه سوى تاريخ من العبث والفوضى. أميّ، بلا كفاءة، بلا مشروع، لكنه بارع في المناورة والانبطاح، يغيّر جلده كما تغيّر الحرباء ألوانها، في سبيل مقعد أو امتياز شخصي. والأسوأ أن بعض الأصوات، عن جهل أو مصلحة، ما تزال ترى فيه “منقذاً” بجماعة أزلاف ، وكأنها لا تدرك أن عودته لا تعني سوى إعادة تدوير الخراب نفسه.

إن ميضار وجماعات بني توزين لا تحتاج إلى تجار أصوات ولا إلى مهرّبي الفتنة من طينة بوصميض، بل إلى وجوه صادقة واعية قادرة على رفع صوت المنطقة في وجه التهميش الممنهج من المجالس الإقليمية والجهوية ومن برامج الحكومة. فالمستقبل هنا لا يُبنى على الألاعيب ولا على البازارات الانتخابية، بل على رجال حقيقيين، لا على سماسرة الكواليس .

بوصميض، الذي لم يخلف وراءه سوى الريح، سيظل اسمه في ذاكرة المنطقة مرادفاً للفراغ والضجيج. وبوصميض في الأمازيغية تُسمى “بو الريح”، فليس غريباً أن ينطبق عليه اللقب بدقة : بوصميض هذا سياسي من ورق، لا يملك سوى النفخ في الرماد، يبيع الوهم ويشتري الفتنة، لكن في النهاية، ما يتركه خلفه لا يتجاوز صرير ريح عابرة، ضوضاء بلا معنى، ومشهداً كاريكاتورياً يثير الشفقة أكثر مما يثير الاحترام.

ويبقى الرئيس السابق لجماعة أزلاف، سوى ذيل يلهث وراء أسياده، يتقن فن مطاردة الزرود والهرود ، والتبعية والانبطاح أكثر مما يتقن أبجديات السياسة. يخرج على الناس مدّعياً التنظير السياسي و”التقطيح الانتخابي”، وهو في الحقيقة لا يفقه في السياسة سوى ما يحفظه من قاموس السوق والريع. رجل أميّ، جاهل، لم يفتح كتاباً يوماً، لكنه لا يتورع عن تقديم نفسه كـ”مفكر” و”منظّر”، بينما تفضحه سيرته المليئة بالتبعية والارتزاق والفتن.

هو ذيل يتدحرج حيث يُرمى، ويبرع في تقمص دور “الزعيم” عند الضعفاء، لكنه في الجوهر مجرد “بوصميض أي بو الريح”: ضوضاء بلا معنى، ريح عابرة، وصوت نشاز في مشهد سياسي يبحث عن رجال أكفاء ، لا عن أذناب تابعة.

29/09/2025

Related Posts