في مشهد سياسي مشحون بالتوتر، احتضنت مدينة وجدة اليوم الأحد اجتماعاً طارئاً للأمانة الجهوية لحزب الأصالة والمعاصرة، حضره الأمناء الإقليميون وعدد من البرلمانيين وبعض المنتخبين والمنتمين ، في وقت تتصاعد فيه موجة الاحتجاجات التي تجتاح مدن الجهة الشرقية منذ أيام، بقيادة شباب يرفعون شعارات الغضب والإصلاح والكرامة.
الاجتماع، الذي جرى خلف أبواب موصدة، جاء — وفق مصادر حزبية — في محاولة لوضع “خارطة طريق استعجالية” لاحتواء الغليان الشعبي بأقاليم الجهة ، وإعادة الثقة إلى الشارع الشرقي الذي بات يرى في الحزب أحد رموز الفشل الحكومي. فقد طغت على النقاشات لغة القلق أكثر من لغة الانتصار، بعدما أدرك قادة “الجرار” أن الشعارات المرفوعة في الشوارع لا تستثني أحداً، وأن الحزب الذي كان يوصف يوماً بـ“حزب الدولة” أصبح اليوم في قلب العاصفة.
مصادر حضرت الاجتماع أكدت أن الطرح الرئيسي تمحور حول “آليات امتصاص الغضب” عبر إطلاق مبادرات اقتصادية واجتماعية تستهدف فئة الشباب، إلى جانب تفعيل برامج تشغيل ومواكبة المقاولات الناشئة. غير أن بعض المنتخبين لم يخفوا تذمرهم مما وصفوه بـ“العجز الحكومي الفاضح” في القطاعات التي يشرف عليها وزراء الحزب، معتبرين أن ذلك جعل الأصالة والمعاصرة في مرمى الانتقادات الشعبية أكثر من أي وقت مضى.
في المقابل، دعا آخرون إلى “الجرأة في الاعتراف بالأخطاء”، والتوجه نحو خطاب صريح مع المواطنين بدل الاختباء خلف التبريرات، خصوصاً وأن جزءاً كبيراً من الشارع يعتبر أن الحزب فقد بوصلته السياسية وأضحى أسير حسابات السلطة أكثر من انحيازه لهموم الناس.
لكن اللافت، بحسب بعض الحاضرين ، أن الاجتماع لم يخرج بقرارات ملموسة أو خطة محددة الملامح، بل اكتفى بتبادل المواقف والنيات الحسنة. وهو ما جعل البعض يصف اللقاء بأنه محاولة “لشراء الوقت” أكثر مما هو سعي حقيقي لإصلاح جذري أو لالتقاط إشارات الشارع الساخط.
وفي الوقت الذي تتواصل فيه الاحتجاجات، يظل السؤال معلقاً في سماء الجهة الشرقية:
هل يستطيع حزب الأصالة والمعاصرة إخماد نيران الغضب قبل أن تمتد إلى باقي مدنه وتنذر بانفجار سياسي داخلي؟
ربما لم يدرك قادة الحزب، وهم يتهامسون داخل القاعة، أن الشارع في الخارج لم يعد ينتظر بياناتهم… بل يكتب بيانه الخاص بصوت مرتفع. وبين كل هتاف وغضب، قد تنقلب الطاولة فجأة — ليس على المعارضة، بل على من ظنّ يوماً أنه يمسك بمقود السلطة، فإذا به يكتشف أن الجرار فقد عجلاته في منتصف الطريق.
05/10/2025