شهدت المداخيل الجبائية للمغرب ارتفاعا ملحوظا خلال السنوات الأخيرة، منتقلة من 201 مليار درهم سنة 2021 إلى أزيد من 300 مليار درهم مع نهاية السنة الجارية، بفضل الإصلاحات التي انطلقت منذ المناظرة الوطنية الثالثة حول الجبايات سنة 2019، والتي تُوجت بإصدار قانون إطار يؤطر عملية الإصلاح بشكل تدريجي عبر قوانين المالية المتعاقبة من 2022 إلى 2025. ومع اقتراب عرض آخر مشروع قانون مالية في الولاية الحكومية الحالية قبل 20 أكتوبر، تترقب الأوساط الاقتصادية أن يتضمن المشروع إجراءات حاسمة لاستكمال هذا الورش، من خلال تدابير تهدف إلى إدماج الاقتصاد غير المهيكل، وتوسيع قاعدة الاقتطاع من المنبع، وتعزيز الشفافية ومحاربة التهرب الضريبي.
وتسعى الحكومة، وفق التقرير الأخير لوزارة الاقتصاد والمالية، إلى مراجعة الحوافز الجبائية المرتبطة بإعادة هيكلة المقاولات وتبسيط الإجراءات الضريبية، إضافة إلى ملاءمة القوانين الجبائية مع المعايير الدولية. كما يتضمن مشروع قانون المالية لسنة 2026 إصلاحات جمركية مهمة، أبرزها إحداث آلية لتتبع المنتجات النفطية للحد من الغش، وتوسيع نطاق العلامة الضريبية لتشمل منتجات تحتوي على السكر أو مشتقات التبغ، إلى جانب مواصلة إصلاح الضريبة الداخلية على الاستهلاك المفروضة على السجائر حتى سنة 2026.
ويرى خبراء الاقتصاد أن هذا الإصلاح يمثل اختبارا حقيقيا لقدرة الدولة على الموازنة بين العدالة الاجتماعية والاستدامة المالية. وفي هذا السياق، أوضح عبد الرزاق الهيري، أستاذ الاقتصاد بجامعة سيدي محمد بن عبد الله، أن الإصلاح الجبائي شكل مرجعية استراتيجية لتمويل السياسات التنموية وتكريس العدالة المجالية، مع ضرورة إدماج القطاع غير المنظم وتحسين التحفيزات الضريبية. من جهته، أكد خالد حمص، أستاذ الاقتصاد بجامعة محمد الخامس، أن العدالة الجبائية تعد التحدي الأكبر في آخر قوانين المالية الحالية، مشددا على أهمية توسيع الوعاء الضريبي دون زيادة العبء على المواطنين، وإيجاد آليات تمويل مبتكرة لدعم قطاعي الصحة والتعليم.
05/10/2025











