تعيش السواحل الأندلسية على وقع تصعيدٍ أمنيٍّ غير مسبوق، بعدما تحوّلت الليالي في خليج قادس إلى مسرح مطاردات عنيفة بين الحرس المدني وشبكات التهريب البحري.
آخر فصول هذه المواجهة وقعت فجر الأربعاء بمدينة سان فيرناندو، حين نفذت قوات الأمن الإسبانية عملية محكمة أسفرت عن حجز أكثر من 720 كيلوغراماً من الحشيش وتوقيف أربعة أشخاص، إلى جانب مصادرة سيارتين استُخدمتا في المراقبة والنقل.
وبحسب معطيات التحقيق، انطلقت العملية بعد رصد ستّ زوارق صغيرة كانت تتجه نحو منطقة سانكتي بيتري، حيث كانت في انتظارها زورقان سريعا الحركة من نوع “ناركو لانشا”.
وخلال المطاردة الليلية قرب جسر زوازو، انقلب زورقان في عرض المياه، تاركين خلفهما عشرات القنينات المليئة بالوقود تطفو فوق مياه المحمية الطبيعية، في مشهدٍ يجسد الفوضى التي يعيشها الساحل الجنوبي بين جشع المهربين وعجز الدولة.
الحدث لم يكن معزولاً؛ فقد جاء بعد أيام فقط من إصابة أربعة عناصر من الحرس المدني في مطاردة مماثلة عند مصب نهر وادي الكبير، ما أعاد إلى الواجهة الجدل المتصاعد حول نقص الوسائل وضعف الحضور الأمني في واحدة من أكثر النقاط حساسية على خريطة التهريب الأوروبية.
في هذا السياق، خرجت الجمعية الموحّدة للحرس المدني (AUGC) ببيان شديد اللهجة، ردّاً على تصريحات المسؤولة الحكومية في قادس، بلانكا فلوريس، التي قللت من خطورة الوضع واعتبرت حديث النقابات الأمنية “تهويلاً إعلامياً”.
وردّت الجمعية بعبارة قاسية حملت نَفَسَ التحدي: “ندعو السيدة بلانكا إلى مرافقة دورياتنا لليلتين فقط، دون كاميرات ولا زيارات رسمية، لتكتشف الحقيقة كما هي على الأرض.”
وأكدت الجمعية أن ما يجري “يتكرر كل ليلة من طريفة إلى سانلوكار دي باراميدا”، حيث تغطي بضع دوريات مئات الكيلومترات من السواحل وسط خصاص مهول في الموارد البشرية واللوجستية، مقابل مافيات مدججة بوسائل متطورة وأموال ضخمة.
وختمت AUGC بلهجة غاضبة أقرب إلى صرخة في وجه مدريد: “نخاطر بحياتنا في الميدان دون أي اعتراف مهني، ودون أن تُصنَّف مهامنا كمهنة ذات مخاطر عالية. من يتحدث عن الأمن من المكاتب لا يدرك شيئاً عن الميدان.”
08/10/2025