في خطوة تعكس الدينامية التنموية والسيادية التي يواصلها المغرب في أقاليمه الجنوبية، كشف الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريس، أن القوات المسلحة الملكية المغربية قدّمت ضمانات رسمية للأمم المتحدة بعدم استعمال المعبر الحدودي الجديد، المزمع فتحه بين منطقة أمغالا وموريتانيا، لأي أغراض عسكرية.
وأوضح غوتيريس، في تقريره الأخير الموجَّه إلى مجلس الأمن، أن الأمم المتحدة لم تُبدِ أي اعتراض أو ملاحظة سلبية حول المشروع، معتبراً أنه يأتي في إطار تعزيز الربط الإقليمي وتسهيل المبادلات التجارية والبشرية بين المغرب وموريتانيا، في انسجام تام مع رؤية المملكة الهادفة إلى جعل صحرائها مركزاً استراتيجياً للتنمية الإفريقية.
ويُنظر إلى هذا المشروع باعتباره خطوة مكملة للنجاح الذي حققه المغرب سنة 2020 في تأمين معبر الكركرات، الذي أنهى عملياً مناورات العرقلة والانغلاق الاقتصادي التي كانت تراهن عليها جبهة البوليساريو وحاضنتها الجزائر. فمنذ ذلك الحين، تحوّل الجنوب المغربي إلى فضاء عبور قاري يربط أوروبا بإفريقيا عبر طرق آمنة وبنية تحتية في توسّع متواصل.
ويرى مراقبون أن قرب افتتاح هذا المعبر الجديد يحمل أبعاداً جيوسياسية عميقة، إذ يرسخ منطق المغرب الواقعي القائم على التنمية بدل الخطاب العسكري أو الدعائي، ويؤكد أن المملكة تدير ملف الصحراء من موقع الفعل لا ردّ الفعل، مستندة إلى شرعية دولية وميدانية يصعب إنكارها.
وفي المقابل، وجدت الدعاية الانفصالية نفسها أمام مأزق جديد، بعدما فقدت آخر ما تبقّى من خطابها حول ما تسميه “الأراضي المحررة”، إذ لم تعتبر الأمم المتحدة المشروع خرقاً للوضع القائم، بل اعترافاً ضمنياً بأن المنطقة تخضع لإدارة مغربية مستقرة.
أما في الشارع المغربي، فقد أثار الخبر موجة من التعليقات الساخرة، حيث كتب أحد النشطاء مازحاً: “ما قدّو كركرات، زادوه كركارتين!”
في إشارةٍ مرحة إلى عجز خصوم المغرب عن استيعاب التقدّم الميداني والدبلوماسي المتواصل للمملكة، التي تواصل رسم معالم سيادتها الكاملة على أقاليمها الجنوبية بثقة هادئة وشرعية معترف بها دولياً.
وفي منشور آخر، لخّص أحد النشطاء الدلالات السياسية للمشروع في ثلاث نقاط واضحة:
أولاً: نهاية ما كان يُسمى “المنطقة العازلة” في الخطاب الأممي، وسقوط وهم “الأراضي المحررة” في المخيال الجزائري.
ثانياً: بداية مرحلة جديدة عنوانها أن ملف الصحراء المغربية دخل طور الحسم الهادئ بفضل سياسة الملك محمد السادس القائمة على الميدان لا على الشعارات.
ثالثاً: أن الجزائر، وقد استُنزفت أوراقها، لن تجد بداً من تحويل مخيمات تندوف إلى “مستوطنة دائمة” للبوليساريو، في انتظار أن يطالب المغرب باسترجاع أراضيه التاريخية هناك.
وهكذا، يبدو أن “الكركرات الثانية” ليست مجرد طريق جديدة، بل صفعة دبلوماسية متجددة تُضاف إلى سجل الإخفاقات الجزائرية في الجنوب.
فبينما يشقّ المغرب طريقه نحو المستقبل، لا يزال خصومه غارقين في رمال الماضي، يلوّحون بخريطةٍ لم يعُد أحد يصدّقها.
08/10/2025