رغم أن المنتخب المغربي واصل سلسلة انتصاراته التاريخية وحقق فوزه السادس عشر توالياً بتغلبه على الكونغو بهدف يتيم، إلا أن الأداء الذي ظهر به “أسود الأطلس” كشف مرة أخرى محدودية أفكار المدرب وليد الركراكي التكتيكية، وافتقاده للجرأة في استثمار ترسانة النجوم التي يملكها.
منذ صافرة البداية، بدا المنتخب المغربي كمن يحاول تكرار سيناريو مملّ محفوظ مسبقاً: استحواذ عقيم، تمريرات أفقية، ومحاولات فردية بلا عمق هجومي. فالركراكي، الذي أصر مجددًا على نهج الحذر المبالغ فيه، ترك الفريق يدور في حلقة مغلقة أمام دفاع كونغولي متواضع، دون أن يبتكر حلولًا هجومية أو يغيّر من إيقاع اللعب.
الشوط الأول كان مرآة واضحة لخلل المنظومة، إذ سيطر “الأسود” دون فاعلية تُذكر، وبدت الهجمات مبنية على الاجتهادات الفردية أكثر من كونها نتاج عمل تكتيكي منسق. لا ضغط متقدماً، ولا تنويع في الرواقين، ولا خطة واضحة لاختراق الكتل الدفاعية.
أما في الشوط الثاني، فلم يتغير المشهد كثيراً سوى بإقحام النصيري الذي أنقذ الموقف بلمسة واحدة بعد عرضية من أشرف حكيمي، لتأتي الفرحة بجهد فردي أكثر من كونها ثمرة خطة ناجحة من المدرّب.
ومع ذلك، استمر الركراكي في تبديلاته النمطية، وكأن الغاية فقط إرضاء اللاعبين بإشراكهم لا البحث عن حلول هجومية أكثر جرأة.
ورغم أن الفوز جعل المغرب ينفرد بالرقم القياسي العالمي في عدد الانتصارات المتتالية (16 فوزًا)، فإن الأداء لم يكن في مستوى الطموحات، خصوصًا مع اقتراب المونديال، حيث لم يُظهر الركراكي إلى الآن خطة لعب قادرة على مواجهة المنتخبات الكبرى أو صناعة الفارق أمام خصوم يملكون تنظيماً حقيقياً.
الركراكي كسب النتيجة، نعم، لكنه خسر الإقناع.
فهل يواصل الرهان على “النتائج بأي ثمن”، أم أنه سيعيد النظر في أسلوبه الجامد قبل أن يتحول الانتصار التاريخي إلى بداية أزمة أداء حقيقية؟