في خطوةٍ أثارت موجةً من الجدل في الأوساط الدبلوماسية والإعلامية، أعلنت وزارة الخارجية الأميركية عبر حسابها الرسمي على منصة “إكس” عن قائمة تضم ثماني مناطق نزاع، زعمت أن الرئيس الأميركي نجح في إنهاء حروبها خلال الأشهر الثمانية الماضية.
وتشمل القائمة نزاعاتٍ تمتد من آسيا إلى إفريقيا والشرق الأوسط، من بينها الصراع بين كمبوديا وتايلاند، وكوسوفو وصربيا، مروراً بمواجهات الكونغو ورواندا، وباكستان والهند، وصولاً إلى ملفاتٍ أكثر حساسية مثل إسرائيل وإيران، ومصر وإثيوبيا، وأرمينيا وأذربيجان، وإسرائيل وحركة حماس.
ورغم النبرة الاحتفالية التي طغت على المنشور الأميركي، يرى مراقبون أن الإعلان أقرب إلى حملة دعائية انتخابية منه إلى إنجازٍ دبلوماسي حقيقي، خاصة أن أغلب هذه النزاعات لم تُطوَ بعد، وبعضها يشهد تصعيداً عسكرياً متكرراً كما هو الحال في غزة، أو خلافاتٍ عميقة لا تزال تُهدد الأمن الإقليمي مثل أزمة سد النهضة بين القاهرة وأديس أبابا.
ويؤكد محللون مغاربة أن واشنطن تحاول من خلال هذه الخطوة تلميع صورة إدارة بايدن قبيل الانتخابات الرئاسية المقبلة، وتقديمها كـ”قوة سلام عالمية” في وقتٍ تتراجع فيه مكانتها أمام نفوذ الصين وروسيا المتصاعد في إفريقيا والشرق الأوسط. كما يرون أن “إنهاء الحروب” وفق المفهوم الأميركي لا يعني بالضرورة تحقيق سلامٍ حقيقي، بل غالباً ما يكون مجرد تجميدٍ للصراعات في انتظار عودتها بأشكالٍ أخرى.
وفي السياق ذاته، تشير مصادر دبلوماسية بالرباط إلى أن واشنطن تسعى لإعادة التموضع في مناطق النفوذ التقليدي عبر خطابٍ “سلاميٍّ” يُخفي وراءه أهدافاً استراتيجية تتعلق بالطاقة والممرات البحرية والأسواق الناشئة، أكثر مما يرتبط بإرادةٍ حقيقية لتحقيق الأمن والاستقرار العالمي.
قد تُجيد واشنطن فنّ الإعلان عن نهاية الحروب، لكنها لم تتقن يوماً صناعة السلام العادل. فبينما تنشر القوائم وتتباهى بالإنجازات، ما زالت القنابل تتساقط في غزة، والمياه تُهدّد بالتحوّل إلى سلاحٍ في حوض النيل، والنفوذ الأميركي يتآكل أمام خصومٍ لا يعلنون كثيراً… بل يكتفون بالفعل الصامت.
15/10/2025