في مدينةٍ كانت تُغنّى يومًا باسم “عروس الشرق”، تحوّلت شوارعها إلى ساحات مطاردة بين البشر والكلاب، والكرامة إلى ترفٍ مؤجل، فيما يجلس المسؤولون على كراسيهم الوثيرة يتبادلون التبريرات بدل الحلول .
الناظور اليوم ليست ضحية الكلاب الضالة فحسب، بل ضحية مسؤولين جماعيين ضالّين عن دروب المسؤولية، يتقنون فن الهروب أكثر مما يتقنون فن التدبير.
هكذا صار المشهد … مدينة تنهشها الفوضى، وساكنة يطاردها الخوف، وسلطة محلية غائبة لا تسمع إلا صدى أعذارها.
في وقتٍ تتكاثر فيه الكلاب الضالة في شوارع وأحياء الناظور كالفطر بعد المطر، مهدِّدةً سلامة المواطنين ومشوهةً صورة المدينة التي كانت تُلقّب يومًا بـ”عروس الشرق”، يبدو أن رئيس الجماعة، سليمان أزواغ، اختار أن يلعب دور المتفرّج بدل القائد.
فالرجل، حسب مصادر مقرّبة، لا يرى في الظاهرة سوى “شأن داخلي”، بل ويُبرّر عجزه المزمن عن معالجة الملف بعبارة واحدة باتت محفوظة عن ظهر قلب :
“وزير الداخلية سيعاقبني إن أنا طاردت الكلاب !”
عذرٌ أقبح من ذنب، وتبريرٌ لا يصمد أمام واقعٍ مليء بالعواء والأنين. فبدل أن يبتكر حلولًا حضرية لإيواء هذه الحيوانات في مراكز مخصّصة، أو أن يفتح باب الشراكة أمام الجمعيات المختصّة، يُفضّل السيد الرئيس تعليق فشله على مشجب “السلطات الوصية”، متناسيًا أن مسؤوليته تبدأ من الميدان لا من مكاتب التبرير .
وفي الجهة المقابلة، يقف باشا المدينة موقفًا لا يقلّ غرابة. فالرجل، الذي أنهكته رائحة الفوضى واللامسؤولية، تقدّم بطلب انتقال قبل أشهر إلى منطقة أخرى، معلنًا — بكل برود — أنه سئم من “سلوكيات محلية” .
باشا المدينة الذي عجز عن مواجهة فوضى الاحتلال المكثّف للملك العمومي، ووقف عاجزًا أمام مشاهد التسيّب التي تبتلع الأرصفة والشوارع، ختم مسيرته بعبارة تختصر مأساة الإدارة المحلية:
“هذا لا يهمّني … سأنتقل!”
وهكذا، يبقى المواطن الناظوري وحيدًا في مواجهة الكلاب الضالة والفوضى واللامبالاة. رئيسٌ يُلقي اللوم على الوزارة، وباشا يطلب الرحيل، وهو غائب كأنه في إجازة مفتوحة.
الناظور اليوم لا تنزف من أنياب الكلاب وحدها، بل من أنصال الإهمال الإداري، ومن غياب من يفهم أن القيادة ليست منصبًا، بل مسؤولية.
إنها مدينة تُنبح فيها الأعذار أكثر مما تُسمع فيها قرارات.
مدينةٌ تبحث عمّن يحرّرها من “الضلال الإداري” قبل أن يخلّصها من الكلاب الضالة.
17/10/2025