في كلمة إدريس لشكر، الكاتب الأول لحزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، مساء الجمعة 17 أكتوبر 2025 ببوزنيقة، خلال إفتتاح أشغال المؤتمر الوطني الثاني عشر للحزب، بكلمة وُصفت بأنها من أكثر خطاباته جرأة ووضوحًا منذ توليه القيادة.
لشكر لم يتردد في توجيه نقد عميق للواقع المغربي، داعيًا إلى وقفة تأمل ومراجعة شاملة لما آلت إليه الأوضاع السياسية والاجتماعية والاقتصادية. وقال إن “ما يعيشه المغرب اليوم من موجة احتجاجات شبابية متصاعدة لا يمكن النظر إليه كظاهرة عابرة، بل كجرس إنذار يكشف عن أزمة ثقة حقيقية داخل المجتمع”.
وأشار إلى أن “جيل الشباب الذي يرفع صوته في الشارع أو يعبر عن غضبه عبر المنصات الرقمية، إنما يعبّر عن فقدان الأمل في جدوى المؤسسات الوسيطة والسياسات العمومية التي لم تعد قادرة على الاستجابة لطموحاته”.
واعتبر أن هذه الاحتجاجات تمثل “مرآة لمجتمع يبحث عن توازن جديد بعد ربع قرن من الإصلاحات التي رُوّج لها تحت شعار التنمية، دون أن تلامس عمق الإشكالات البنيوية”.
وحذّر لشكر من “تركز القرار والثروة في أيدي أقلية”، مبرزًا أن هذا التوجه “يعمّق الفوارق ويقوّض العدالة الاجتماعية”، مضيفًا أن “رغم ما تحقق من منجزات كبرى في مجالات البنية التحتية والطاقة والصناعة، فإن التنمية فقدت معناها حين فشلت في خلق مجتمع منصف يضمن تكافؤ الفرص”.
ولم يخفِ زعيم حزب “الوردة” امتعاضه مما سماه “المقاربة الفوقية” في تدبير الشأن العام، ملاحظًا أن “الدولة أصبحت الفاعل المركزي في كل الملفات الكبرى، من المبادرة الوطنية للتنمية البشرية إلى المشاريع الاقتصادية الخارجية، بينما تراجعت أدوار الأحزاب والنقابات والمجتمع المدني، ما أدى إلى اتساع الهوة بين المواطن ومؤسساته”.
وشدد لشكر على أن “الخروج من الأزمة يتطلب شجاعة سياسية غير مسبوقة، تتجاوز منطق التجميل والتسويق الإعلامي، وتعيد الثقة في الفعل السياسي كأداة للتغيير”، مضيفًا أن “ما نحتاجه اليوم ليس نموذجًا تنمويًا جديدًا يُصاغ في التقارير، بل مشروعًا وطنيًا حيًا يربط الاقتصاد بالعدالة الاجتماعية، ويجعل من التنمية وسيلة لتحرير الإنسان لا تقييد حركته”.
وختم كلمته بنبرة تفاؤل قائلاً: “إن المغرب يمتلك كل مقومات النهوض، بشرط أن نعيد الثقة بين الدولة والمجتمع، وأن نضع الشباب في قلب المعادلة الجديدة، لأنهم ليسوا المستقبل فحسب، بل هم صناع الحاضر أيضًا”.
ويُذكر أن المؤتمر الوطني الثاني عشر للاتحاد الاشتراكي يُعقد ما بين 17 و19 أكتوبر الجاري بالمركب الدولي مولاي رشيد ببوزنيقة، بمشاركة واسعة من مناضلي الحزب وقياداته، في لحظة سياسية دقيقة يعتبرها كثيرون اختبارًا حاسمًا لمستقبل اليسار المغربي ودوره في المرحلة المقبلة.
17/10/2025