kawalisrif@hotmail.com

ضمنها مكاتب الصرف السري :      النيابة العامة الإسبانية تقرر مزيد من التحقيقات في قضايا تبييض الأموال لتضييق الخناق على تجار المخدرات

ضمنها مكاتب الصرف السري : النيابة العامة الإسبانية تقرر مزيد من التحقيقات في قضايا تبييض الأموال لتضييق الخناق على تجار المخدرات

في تطور يعكس حجم التحديات الأمنية على الضفة الشمالية للمتوسط، أعادت النيابة العامة في الأندلس وسبتة ومليلية المحتلتين تسليط الضوء على تصاعد أنشطة التهريب والاتجار بالمخدرات، مؤكدة أن شبكات الجريمة المنظمة في الجنوب الإسباني باتت أكثر تعقيدًا وتمويلًا من أي وقت مضى، وأن مكافحتها لن تكون ممكنة من دون تجفيف منابع المال غير المشروع.

وأكد التقرير السنوي للنيابة، الذي قُدم هذا الأسبوع، أن الظاهرة لم تعد تقتصر على زوارق التهريب السريعة (الناركلانشاس) التي تجوب السواحل بين المغرب وإسبانيا، بل امتدت لتشمل ما يُعرف بـ “البِتاكيو”، أي تهريب البنزين لتزويد تلك الزوارق بالوقود في عرض البحر، وهو نشاط بات يشكل “اقتصادًا موازٍيا” في الجنوب الإسباني.

ووصف التقرير الوضع الأمني في المنطقة بأنه “قاتم وخطير للغاية”، داعيًا إلى تحرك حازم من الدولة الإسبانية للحد من تفاقم الظاهرة وما تجره من تبعات اجتماعية واقتصادية وصحية.

وقالت النيابة بوضوح: “تكثيف التحقيقات المرتبطة بتبييض الأموال هو السبيل الفعّال الوحيد لإلحاق ضرر حقيقي بالتنظيمات الإجرامية وملاحقتها حتى محاصرتها. فمصادرة الشحنات لا تكفي، إذ سرعان ما تُستبدل العناصر الموقوفة بغيرها وتستمر الشبكات في عملها.”

وأضاف التقرير أن أنشطة الاتجار بالمخدرات تُفرز أشكالاً موازية من الجريمة، مثل تصفية الحسابات، وتزايد الفساد في بعض الأجهزة، وسرقة الشحنات بين العصابات، واعتداءات ضد قوات الأمن، مع توسع العرض وانخفاض الأسعار، مما جعل استهلاك الحشيش في الجنوب الإسباني أقرب إلى “ظاهرة اجتماعية”.

كما دعت النيابة إلى زيادة الموارد البشرية والمادية وتعزيز التعاون بين الأجهزة القضائية والمالية، إلى جانب إصلاح تشريعي عاجل لتجريم نقل أو تخزين الوقود الموجه لزوارق التهريب، محذّرة من أن “ثغرات القانون تجعل العقاب معقدًا رغم وضوح الخطر.”

وفي مشهد يعكس تطور الوسائل التي تعتمدها هذه الشبكات، أشار التقرير إلى الاستخدام المكثف لتقنيات الاتصال المشفَّر، ما يعيق عمل الشرطة والقضاء في تتبع الاتصالات والمخططات، داعيًا إلى وضع آليات قانونية جديدة للتعامل مع هذه التحديات الرقمية.

كما شدد على ضرورة تسريع تدمير الزوارق السريعة المصادرة بعد إخضاعها للفحص الفني، تجنبًا لإعادة استعمالها في عمليات تهريب جديدة، بعد أن لوحظ في السنوات الأخيرة أن بعض هذه الزوارق أُعيد تشغيلها بطريقة غير قانونية.

وسجّل التقرير وقوع حوادث مميتة بسبب تصاعد العنف في صفوف المهربين، من أبرزها مقتل عنصرين من الحرس المدني في بارباطي بعد صدمهما بزورق تهريب في فبراير 2024، إضافة إلى خمسة قتلى آخرين خلال عامي 2024 و2025 في مناطق مختلفة من الأندلس.

وأشار التقرير أيضًا إلى أن الحشيش المغربي لا يزال يدخل أساسًا عبر البحر، باستخدام زوارق سريعة مجهزة بمحركات قوية، ما يجعل اعتراضها “مغامرة قاتلة” بالنسبة لعناصر الأمن الإسباني.

ورصدت النيابة تصاعدًا مقلقًا في تهريب الوقود المخصص لتلك الزوارق، حيث تصل كلفة الجَرّة الواحدة من البنزين (25 لترًا) إلى 300 يورو، وقد ظهرت شبكات متخصصة تتولى الجوانب اللوجستية من تموين وتبديل طواقم ونقل مؤن، في ما يشبه صناعة كاملة تحيط بعالم التهريب.

كما حذرت الأجهزة الأمنية من الكميات الهائلة من الوقود التي تُنقل عبر المدن والطرق العامة، معتبرة أنها تمثل خطرًا داهمًا على السلامة العامة وتحديًا كبيرًا للسلطات المحلية التي تجد صعوبة في التعامل مع كميات المصادرات.

وختمت النيابة تقريرها بالتذكير بأن حيازة هذه المواد القابلة للاشتعال تُعد جريمة بموجب المادة 568 من القانون الجنائي الإسباني، مشيرة إلى تعميم صدر سنة 2024 في محافظة قادس ينص على أن نيابة مكافحة المخدرات هي الجهة المختصة بالتحقيق في هذه الملفات.

رغم أن التقرير إسباني، إلا أن مضامينه تهم المغرب بشكل مباشر، إذ إن أغلب الشحنات التي تتحدث عنها النيابة مصدرها السواحل الشمالية المغربية، ما يجعل التعاون الأمني والقضائي بين الرباط ومدريد عنصرًا حاسمًا في تطويق شبكات التهريب العابرة للحدود.

ويشير مراقبون إلى أن التركيز الإسباني على تبييض الأموال يحمل رسالة ضمنية إلى المغرب أيضًا، بضرورة تعزيز مراقبة حركة رؤوس الأموال والممتلكات المرتبطة بالأنشطة غير القانونية التي تُدر أموالًا ضخمة على شبكات التهريب في الضفتين.

17/10/2025

Related Posts