في قلب أروقة السياسة المغربية، حيث تتشابك الولاءات وتتصادم الطموحات، انطلق أمس مؤتمر الاتحاد الاشتراكي الثاني عشرة وسط أجواء مشحونة بالهمس والوشايات أكثر من التصريحات الرسمية. مؤتمر يفترض أن يكون احتفالاً بالديمقراطية الداخلية، لكنه بدا وكأنه ساحة معركة لا تخلو من المناورات، حيث يُختبر الولاء ويُرسم المستقبل بين الكراسي والمصالح.
في الليلة التي شهدت انتخاب الكاتب الأول للحزب، جدد المؤتمرون الثقة في إدريس لشكر ككاتب أول للحزب، إلا أن ما كان يُفترض أن يكون حدثاً بروتوكولياً تحوّل إلى مسرح للكواليس المشتعلة. فغياب رئيس جماعة الناظور، سليمان ازواغ، عن الجلسة الافتتاحية، وهو عضو المكتب السياسي، أثار تساؤلات عديدة داخل أروقة الاتحاد الاشتراكي.
مصادر مطلعة طشفت ل “كواليس الريف” أن قرار ازواغ بعدم الحضور جاء بتوصية مباشرة من أعضاء في المكتب السياسي ذاته، حيث أبدوا خشيتهم من أي مناوشات محتملة مع مناضلين آخرين في إقليم الناظور. وأوضحت المصادر أن حلفاء أبركان داخل الإقليم كانوا قد هددوا بالاستقالة الفورية إذا جلس ازواغ في منصة أعضاء المكتب السياسي، إلا أن هذه الأزمة لم تتحقق في النهاية، تاركة تساؤلات حول القوة الفعلية لهذه التهديدات.
الحدث كشف عن معادلات دقيقة: الكاتب الأول وشلّة من المكتب السياسي يمارسون لعبة الضغط غير المباشر على عضوية ازواغ، بينما الأخير يحرص على الحفاظ على وجوده في الحزب، على الأقل ظاهرياً، محاولاً تفادي أي مواجهة مباشرة. كل هذه التفاصيل تُشير إلى أن السياسة الداخلية للحزب ليست مجرد انتخابات رسمية، بل رقصة دقيقة بين الولاء والطموح، بين المناورة والتراجع.
وبينما تُسدل الستائر على جلسات اليوم الأول، يبقى السؤال المعلق: هل سينجو ازواغ من سيف الإعفاء من عضوية المكتب السياسي، أم أن كرسيه سيصبح مزحة سياسية أخرى تُروى في أروقة الاتحاد؟ وفي كل الأحوال، يبدو أن حبكة هذا المؤتمر لن تُكتب فقط على الورق، بل في الهمسات والمواقف المفاجئة التي تجعل من السياسة المغربية مسرحاً لا يخلو من المفاجآت الساخرة.
18/10/2025
