kawalisrif@hotmail.com

تونة بـ 90 كيلوغراماً تُغضب إسبانيا .… وثلاثة صيادين مغاربة يخرجون من البحر إلى المحكمة !”

تونة بـ 90 كيلوغراماً تُغضب إسبانيا .… وثلاثة صيادين مغاربة يخرجون من البحر إلى المحكمة !”

يبدو أن التونة الحمراء هذه الأيام باتت أكثر “قداسة” من بعض الحقوق الإنسانية في سبتة المحتلة. فثلاثة صيادين مغاربة بسطاء، خرجوا من سواحل بليونش بحثاً عن رزقٍ بطعم البحر، فوجدوا أنفسهم في مواجهة عدالةٍ بحريةٍ إسبانية لا ترحم، بعدما ضبطتهم دورية من الحرس المدني متلبسين بـ”جريمة التونة” — سمكة تزن 90 كيلوغراماً فقط، لكنها كانت كفيلة بإشعال حالة استنفار وكأنهم اصطادوا غواصة نووية!

الحكم جاء سريعاً، كما هي العادة حين يتعلق الأمر بمغاربة البسطاء: ستة أشهر سجناً نافذاً مبدئياً، خُففت إلى عقوبة معلقة بفضل “الاعتراف الكامل والتعاون المثالي”. ومع ذلك، لم تنسَ المحكمة أن تضع “اللمسة العقابية الإسبانية”، فقررت منعهم من دخول سبتة أو الصيد في المياه الإسبانية لمدة عامين كاملين. أما إذا تجرؤوا مجدداً على الاقتراب من “الحدود البحرية المقدسة”، فسيُفتح لهم باب السجن بلا مفاتيح.

الصيادون الثلاثة قضوا 24 ساعة رهن الاعتقال، قبل أن يُقدَّموا لما يُعرف بـ”المحاكمة السريعة”، تلك التي غالباً ما تُطبَّق عندما تكون القضية صغيرة… أو عندما يكون المتهم مغربياً. بعد النطق بالحكم، أُفرج عنهم وتمكنوا من استرجاع قاربهم المتواضع، لكن بشرطٍ واضح: العودة فوراً إلى المياه المغربية وعدم التفكير في “التونة الإسبانية” مرة أخرى.

القصة بدأت، كما ترويها الصحف الإسبانية، حين رصدت دورية من الحرس المدني قاربا صغيراً يقترب من ميناء سبتة، لتكتشف بداخله تلك السمكة “الخطيرة” من نوع Thunnus thynnus، المدرجة ضمن قائمة الأنواع المحمية. وهكذا تحولت سمكة إلى ملف قضائي كامل، بتقارير بيئية وفحوص تقنية ومتابعة قانونية صارمة.

القانون الإسباني صارم حين يتعلق الأمر بما يُسمى “حماية البيئة البحرية”، لكنه يغضّ الطرف عن مئات القوارب الأوروبية التي تجوب سواحل إفريقيا مستنزفة الثروات السمكية الحقيقية. المفارقة أن العقوبة التي وُجهت لهؤلاء الصيادين يمكن أن تصل، في حالات مشابهة، إلى 60 ألف يورو غرامة وسجن فعلي… في حين أن نفس البحر يرى، يومياً، سفناً أوروبية تجرّ شباكها على بعد أميال من الشواطئ المغربية دون رقيب ولا حسيب.

إنها العدالة حين ترتدي سترة النجاة الإسبانية: تُغرق البسطاء في محاكمات شكلية، وتُطفئ الأضواء حين يكون “الكبار” في الصورة.

وهكذا، انتهت مغامرة الصيادين الثلاثة الذين ظنّوا أن البحر للجميع، فاكتشفوا أن الماء ملوّك، والسمك مملوك، والعدالة مرسومة بخطوط حدودية. تونةٌ واحدة جعلتهم “مجرمين بيئيين”، بينما تونة أخرى تُباع في المزادات الأوروبية بأثمان الذهب.

 

18/10/2025

Related Posts