kawalisrif@hotmail.com

أزمة الصحة بالحسيمة تتفاقم :     هجرة جماعية للأطباء وشكاوى من “الشطط الإداري”

أزمة الصحة بالحسيمة تتفاقم : هجرة جماعية للأطباء وشكاوى من “الشطط الإداري”

يتواصل الجدل حول الوضع الصحي بإقليم الحسيمة، بعد أن كشفت الدكتورة وداد أزداد، الأخصائية السابقة في التصوير الطبي، عن معطيات مقلقة تؤكد تدهور الخدمات الصحية وتفريغ المستشفيات من الأطر الطبية، محمّلة المسؤولية لإدارة القطاع بالإقليم التي وصفتها بـ”السبب المباشر في نفور الأطباء الجدد وتحويل الحسيمة إلى منطقة طاردة للكفاءات”.

وقالت الدكتورة أزداد، في شهادة جديدة ضمن تقرير متخصص حول واقع الصحة بالمنطقة، إن قرار مغادرتها لم يكن سهلاً، بل جاء بعد “انهيار عصبي وصدمة نفسية”، مشيرة إلى أن ما دفعها إلى كشف التفاصيل هو “الرغبة في إنصاف الأطباء وإنقاذ ساكنة الريف من معاناة الاستشفاء”.

نزيف في الموارد البشرية وتراجع خطير في الخدمات

أبرزت المتحدثة أن مستشفى الحسيمة يعاني خصاصًا حادًا في عدد من التخصصات الحيوية، إذ لا يتوفر سوى على طبيب واحد في مجالات حساسة مثل طب العيون، الأنف والأذن والحنجرة، جراحة العظام، المسالك البولية، والأمراض الباطنية والغدد.
هذا النقص، وفق أزداد، ناتج عن “أساليب إدارية قمعية” جعلت المؤسسة الصحية الإقليمية “عقيمة وغير قادرة على تقديم أبسط الخدمات الطبية”.

معاناة متزايدة لساكنة الإقليم

ويغطي المستشفى الإقليمي محمد السادس بالحسيمة مجالاً جغرافياً واسعاً يمتد من الناظور والدريوش شرقاً إلى الجبهة غرباً وتاونات جنوباً. ورغم أن المنطقة تُعتبر من أكثر المناطق تسجيلاً لحالات السرطان في المغرب، إلا أنها تفتقر حتى إلى أطباء الأشعة بمعهد الأورام الوحيد في الإقليم.
وبات المرضى، حسب الشهادات، يضطرون إلى التنقل نحو مدن طنجة وتطوان وفاس ووجدة والرباط لتلقي العلاج، في رحلة مرهقة ومكلفة لا يقدر عليها معظمهم بسبب ضعف القدرة الشرائية، ما يدفع بعضهم إلى الاستدانة أو الاعتماد على المساعدات.

صمت رسمي وخذلان نقابي

وأكدت الدكتورة أزداد أن عدداً من الأطباء حاولوا تنبيه المسؤولين إلى خطورة الوضع عبر مراسلات إدارية وجهت إلى الوزارة الوصية، لكنها لم تلق أي تجاوب.
أما على المستوى النقابي، فأوضحت أن النقابة المستقلة للأطباء في الحسيمة “غير مفعلة بسبب الضغط المهني”، بينما كانت تفاعلات النقابات المركزية وهيئة الأطباء “باردة ومخيبة للآمال”. وأضافت أن نائباً برلمانياً عن المنطقة “توقف عن الرد بمجرد علمه بهوية المسؤول المعني بالشكايات”، في إشارة إلى ضعف التمثيلية والدعم السياسي للأطباء.

تداعيات نفسية واجتماعية خطيرة

وأشارت الأخصائية السابقة إلى أن تداعيات ما وصفته بـ”الشطط الإداري” لم تتوقف عند حدود العمل، بل مست حياتها الشخصية، حيث تسبب الضغط والتحريض ضدها في انهيارها العصبي، وإصابة والديها بأزمات صحية حادة، مؤكدة أن ذلك يعكس “الثمن الباهظ الذي تدفعه الكفاءات الطبية في مواجهة التسلط الإداري”.

وفي ختام شهادتها، شددت الدكتورة أزداد على أنها لجأت إلى العلن بدافع إنساني، رغم إدراكها لمخاطر المتابعة القضائية بتهمة التشهير، مؤكدة أنها تعتمد على “شهادات وشهود” وتضامن واسع من محامين وصحفيين وجمعيات مدنية، ومجددة رفضها “لإذلال الأطباء وتفريغ المؤسسات الصحية في الحسيمة من كفاءاتها”.

 

 

18/10/2025

Related Posts