يُعدّ البصل من أبرز المنتجات الفلاحية بالمغرب، غير أن أسعاره تعرف تفاوتاً لافتاً يثير الكثير من التساؤلات حول منظومة التسويق والتوزيع. ففي مدينة الحاجب، إحدى أهم مناطق إنتاج البصل، يبيع الفلاح الكيلوغرام الواحد بأسعار تتراوح بين درهمين وثلاثة دراهم، بينما يصل إلى المستهلك النهائي بأسعار تتراوح بين 8 و12 درهماً. هذا الفرق الكبير يعكس واقعاً اقتصادياً معقداً تتحكم فيه حلقات الوسطاء والتجار، مما يجعل الفلاح الحلقة الأضعف في سلسلة التسويق. فعلى سبيل المثال، يباع البصل الأحمر بـ2.5 درهم عند الفلاح ويصل إلى 10 دراهم عند المستهلك، بينما يرتفع سعر البصل الأبيض من 3 إلى 12 درهماً، ما يسلّط الضوء على غياب توازن واضح في تحديد الأسعار وتوزيع العائدات.
في حديث مع “كواليس الريف”، أكد عدد من الفلاحين أن الأسعار المتدنية لا تغطي تكاليف الإنتاج المرتفعة، معتبرين أن استمرار هذا الوضع يهدد استقرارهم الاقتصادي. من جهتهم، يرى الوسطاء أن الأسعار مرتبطة بتقلبات السوق والعرض والطلب، مشددين على دورهم في تسويق المنتجات وتوزيعها، بينما برّر التجار ارتفاع الأسعار بزيادة الطلب مقابل تراجع العرض، مؤكدين أنهم يتحملون بدورهم مخاطر النقل والتلف. أما مصطفى حنين، مدير التواصل بجمعية “تربة” للتنمية القروية، فاعتبر أن غياب بنية تحتية للتخزين والتسويق، وضعف الشفافية في تحديد الأسعار، وقلة التمويل المتاح للفلاحين، كلها عوامل تعمّق الفجوة بين ما يجنيه الفلاح وما يدفعه المستهلك.
من جانبه، أشار جواد رحو، سائق شاحنة يواكب الوسطاء، إلى أن النقل يمثل تحدياً رئيسياً أمام الفلاحين بسبب ارتفاع تكاليفه وضعف البنية التحتية في المناطق القروية، موضحاً أن نقل البصل يتطلب شاحنات مجهزة بنظم تهوية وتبريد تحافظ على جودة المنتوج. وأضاف أن الوسطاء يتحملون بدورهم مخاطر التلف وصعوبات التمويل وتقلبات السوق، داعياً إلى تنظيم القطاع وتقديم دعم حقيقي للفلاحين لضمان أسعار منصفة. وبينما تتأرجح الأسعار بين انخفاض يضر بالفلاحين وارتفاع يرهق المستهلكين، يبقى غياب آليات واضحة للشفافية والتسويق العادل من أبرز التحديات التي تواجه سلسلة إنتاج وتسويق البصل في المغرب.
18/10/2025