في خطوة وُصفت بأنها “طلقة الوداع” قبل مغادرته وزارة الداخلية الفرنسية، اختار برونو روتايو أن يترك بصمته الأخيرة على ملف الهجرة، عبر تشديد غير مسبوق لشروط الحصول على الجنسية الفرنسية.
فابتداءً من عام 2026، لن يكون طريق “الحلم الفرنسي” مفروشًا بالورود؛ إذ سيتعيّن على كل من يرغب في أن يصبح فرنسيًا أن يجتاز اختبارًا جديدًا بأسئلة اختيار متعددة، لا تقتصر على السياسة والتاريخ، بل تمتد إلى فن الطهو الفرنسي، والتقسيم الإداري للبلاد، وحتّى موقف الدولة من تعدد الزوجات!
روتايو، زعيم حزب “الجمهوريين” المحافظ، وقّع المرسوم الجديد قبل يومين فقط من مغادرته قصر “بوفو”، مقر وزارة الداخلية. مرسومٌ نشر في الجريدة الرسمية في العاشر من أكتوبر، يقلب قواعد اللعبة أمام آلاف المهاجرين الطامحين في نيل الجنسية أو الحصول على بطاقة الإقامة الدائمة.
يتعين على المتقدمين الإجابة بدقة على 80% من الأسئلة ليُقبل طلبهم. وتتوزع الأسئلة بين قيم الجمهورية الفرنسية والعلمانية ومكافحة التمييز والكراهية ضد مجتمع الميم، إضافة إلى مواضيع تتعلق بـالحقوق والواجبات، والنظام السياسي، والتاريخ والجغرافيا والثقافة.
ويُلزم المرسوم المترشحين بإظهار معرفة دقيقة بالتاريخ الفرنسي منذ ثورة 1789، وبالهيكلة الإدارية للبلاد، ومدة الولايات السياسية، وأطباق المطبخ الفرنسي الأشهر، وحتى تفاصيل تتعلق بالإسكان والإجراءات الإدارية اليومية!
فقد تساءلت أستاذة القانون العام دانييل لوشاك، في حديثها لصحيفة لوموند: “من من الفرنسيين، ممن لا يحملون شهادات عليا، يستطيعون الإجابة عن مثل هذه الأسئلة؟ من يعرف، مثلاً، ميثاق البيئة الذي ورد في المرسوم ؟”
وكأن ذلك لا يكفي، فقد رفع روتايو أيضًا مستوى اللغة المطلوب لاجتياز الامتحان من B1 إلى B2، وهو ما يزيد صعوبة المهمة على المهاجرين.
ومع ذلك، تترك الحكومة “باب الأمل” مواربًا؛ إذ يمكن للمترشحين إعادة الاختبار الكتابي لمدة 45 دقيقة مرات غير محدودة، بينما تظل المقابلة الشفوية الخاصة بالاندماج كما هي.
وهكذا، يغادر روتايو الوزارة تاركًا وراءه امتحانًا يختبر أكثر من مجرد معارف… بل يختبر مدى استعداد المهاجرين لفهم “الروح الفرنسية” بكل تفاصيلها.
19/10/2025
