في خطوة سياسية ودبلوماسية حاسمة، أكد المغرب موقفه الثابت المناهض للاستعمار، عبر التصويت لصالح القرار الذي تقدمت به روسيا ودول أخرى أمام اللجنة الرابعة للجمعية العامة للأمم المتحدة، والذي ينص على إعلان “اليوم الدولي لمناهضة الاستعمار بجميع أشكاله ومظاهره”.
اعتمد القرار يوم 16 أكتوبر بأغلبية ساحقة، إذ حصل على 101 صوت مؤيد مقابل صوتين معارضين فقط (الولايات المتحدة والمملكة المتحدة)، وامتناع 51 دولة، من بينها فرنسا وإسبانيا وألمانيا وإيطاليا واليابان وكندا. وتعكس هذه النتائج الحذر الدبلوماسي للقوى الأوروبية الكبرى، المثقلة بإرثها الاستعماري، ومحاولتها تجنب الانخراط المباشر في مواجهة جيوسياسية بين الشرق والغرب.
يدعم القرار، الذي لقي ترحيبًا واسعًا من روسيا ودول الجنوب العالمي مثل الصين والهند والبرازيل وجنوب أفريقيا والمغرب، ضرورة إنهاء كافة أشكال الاستعمار والهيمنة الأجنبية والاحتلال المعاصر، في إشارة واضحة إلى التزام المغرب بالقيم الدولية والعدالة التاريخية.
تصويت المغرب يعكس إستراتيجية دبلوماسية مدروسة، تتماشى مع رؤيته لنظام دولي متعدد الأقطاب ومتوازن، ويبرز دوره كفاعل أساسي في صياغة السياسات الدولية على صعيد أفريقيا والعالم العربي. المغرب لم يكتفِ بالموقف الرمزي، بل أكد أنه لاعب محوري يسهم في إعادة تشكيل التحالفات الدولية وصياغة خطاب مضاد للاستعمار في الأمم المتحدة.
وأشاد كل من الصين وروسيا بنتيجة التصويت، معتبرين إياها دليلًا على الطبيعة البناءة والموحدة للقرار، بينما اختارت القوى الأوروبية الكبرى الامتناع عن التصويت، في محاولة للتماهي مع مصالحها التاريخية وتجنب الانزلاق نحو المواجهة الجيوسياسية مع روسيا والدول الصاعدة في الجنوب العالمي.
الأغلبية الساحقة التي دعمت القرار تعكس انتعاش الخطاب المناهض للاستعمار على الساحة الدولية، بقيادة دول في أفريقيا وآسيا وأمريكا اللاتينية، في ظل تصاعد التوترات العالمية وإعادة رسم خرائط التحالفات الدولية.
يمكن القول إن تصويت المغرب هو موقف استراتيجي ذكي يجمع بين الرمزية الدولية والضغط الدبلوماسي الفعّال، ويعزز من مكانته على الساحة الدولية، مؤكدًا أنه ليس مجرد لاعب إقليمي بل شريك فاعل في الدفاع عن مصالح العالم الجنوب-غربي ومناهضة الهيمنة التقليدية للقوى الكبرى.
19/10/2025