kawalisrif@hotmail.com

“نهاية داعمي البوليساريو” :       أفق جديد في بوليفيا يقرّب “قصر كيمادو” من الرباط

“نهاية داعمي البوليساريو” : أفق جديد في بوليفيا يقرّب “قصر كيمادو” من الرباط

شهدت بوليفيا ، الأحد، يومًا انتخابيًا مفصليًا في تاريخها ، حيث توجه نحو ثمانية ملايين مواطن إلى صناديق الاقتراع لاختيار رئيس جديد في أول جولة ثانية بتاريخ البلاد السياسي الحديث.

وللمرة الأولى منذ عقدين، يغيب إيفو موراليس وحزبه اليساري “الحركة نحو الاشتراكية” (MAS) عن مشهد المنافسة، في تحول غير مسبوق يطوي صفحة أيديولوجية دامت أكثر من عشرين سنة.

تجري المنافسة الحاسمة بين خورخي “توتو” كيروغا، الرئيس الأسبق ذو التوجه الليبرالي المحافظ، ورودريغو باز، المرشح الوسطي الشاب.

لكن الرهان، بحسب المراقبين، يتجاوز الأسماء ليعبر عن نهاية مرحلة سياسية كاملة كانت بوليفيا خلالها من أشدّ المدافعين عن أطروحة البوليساريو في أمريكا اللاتينية.

فحزب موراليس، الذي حكم البلاد لعقدين، وصل هذه الانتخابات منهكًا بالصراعات الداخلية، ومثقلًا بأزمة تضخم خانقة تجاوزت 25% سنويًا، وباتهامات متكررة بالفساد وسوء التسيير.

وبانهيار هذا الحزب، يفقد المعسكر الانفصالي أحد أبرز حلفائه الإقليميين الذين لطالما وفّروا له غطاءً أيديولوجيًا ومنصة سياسية في المنتديات الدولية.

التحول في الموقف البوليفي لم يبدأ اليوم. فمنذ سنة 2020، أقدمت الحكومة الانتقالية برئاسة جينين آنييز، وبدعم من خورخي كيروغا نفسه، على قطع العلاقات مع جبهة البوليساريو، وفتح صفحة جديدة مع المغرب.

كانت تلك الخطوة بمثابة إشارة أولى على ميلاد بوليفيا جديدة، أكثر واقعية في مقاربتها للعلاقات الدولية، وأقل خضوعًا لإملاءات الأيديولوجيا اليسارية القديمة.

وفي حال فوزه بالرئاسة، يُنتظر أن يكرّس كيروغا سياسة خارجية براغماتية تستند إلى الاحترام المتبادل والتعاون جنوب-جنوب، وهي المبادئ ذاتها التي تقوم عليها الدبلوماسية المغربية.

إذا صحت التوقعات، فبوليفيا الجديدة ستنضم إلى الموجة اللاتينية التي اختارت دعم مبادرة الحكم الذاتي المغربية، كما فعلت كل من تشيلي، بيرو، الأرجنتين، جمهورية الدومينيكان، باراغواي، والإكوادور.

وستكون النتيجة تراجعًا إضافيًا للنفوذ الجزائري والبوليساريو في القارة، مقابل صعود الشراكات المغربية المستندة إلى التنمية والاستقرار.

هذا التحول يأتي أيضًا في لحظة دبلوماسية متميزة بالنسبة للمغرب، بعد أن حظي بدعم روسي غير مسبوق في اللجنة الرابعة للأمم المتحدة، حيث لمّحت موسكو إلى استعدادها للنظر إيجابيًا في مبادرة الحكم الذاتي المغربية متى حظيت بتوافق دولي.

رمزيًا، يبدو المشهد أشبه بما وصفه بعض المحللين بـ”عودة قصر كيمادو من رماده” — في إشارة إلى مقر الرئاسة البوليفية الذي كان شاهدًا على تحولات السياسة والهوية الوطنية منذ قرن.

اليوم، ينهض هذا القصر من جديد على وقع تغيير سياسي عميق، يتقاطع في رؤيته الجديدة مع المغرب أكثر مما يفترق.

وتتابع الرباط هذا التحول باهتمام خاص، إذ تشير بعض التقارير إلى وجود اتصالات أولية وغير معلنة بين دوائر مغربية ونخب بوليفية معتدلة، تمهد لتعاون محتمل في مجالات الزراعة، الطاقة، والتعليم العالي.

ما يجري في بوليفيا ليس مجرد انتخابات عابرة، بل تحول استراتيجي قد يضع نهاية لأكثر من أربعة عقود من الدعم الأيديولوجي للبوليساريو.

فإذا صدقت استطلاعات الرأي وفاز كيروغا، ستكون بوليفيا على موعد مع عهد جديد من الواقعية السياسية، فيما يواصل المغرب حصد ثمار دبلوماسيته الهادئة والفعالة.

وفي المشهد الأوسع، تكتب أمريكا اللاتينية فصلاً جديدًا من علاقاتها مع العالم العربي — عنوانه الواقعية بدل الأيديولوجيا، والتعاون بدل الانقسام.

20/10/2025

Related Posts