في خطوة استراتيجية تعكس استقلالية القرار المغربي، وقّع المغرب وروسيا الأسبوع الماضي في موسكو على اتفاق جديد للتعاون في مجال الصيد البحري يمتد لأربع سنوات، يسمح للسفن الروسية بممارسة نشاطها على السواحل الأطلسية المغربية ضمن قواعد محددة للكميات ومناطق الصيد وفترات الراحة البيولوجية. ويأتي هذا الاتفاق في ظل جمود المفاوضات مع الاتحاد الأوروبي بعد قرار محكمة العدل الأوروبية، ما يعكس قدرة المغرب على صياغة سياسته الخارجية بما يخدم مصالحه الوطنية دون الارتباط بأي محور دولي، مؤكدًا موقعه كفاعل مستقل في التوازنات الإقليمية والدولية.
ويرى خبراء العلاقات الدولية أن الاتفاق يمثل نموذجًا للبراغماتية المغربية في التعامل الدبلوماسي مع القوى الكبرى. إذ يمكن المغرب من استغلال موارده الحيوية ضمن إطار من السيادة والكرامة الوطنية، ويعزز قدرته على التوازن بين مصالحه الاقتصادية والتحديات الجيوسياسية. ويؤكد محمد عطيف، أستاذ العلاقات الدولية، أن هذه الخطوة تؤكد استقلالية القرار الوطني وحماية الموارد، بما فيها في الأقاليم الجنوبية للمملكة، دون أي ضغوط خارجية، وتجسد مهارة المغرب في تحقيق توازن بين المصالح الاستراتيجية والحسابات الدولية.
من جهته، يشير الباحث جواد القسمي إلى أن الاتفاق يحمل بعدًا جيوسياسيًا مهمًا، فهو رسالة واضحة للشركاء الأوروبيين بقدرة المغرب على تنويع الشركاء وخلق بدائل استراتيجية تضمن مصالحه الحيوية، مع الحفاظ على الشراكات التقليدية. كما أن التعاون مع روسيا يعزز مكانة المغرب في الملف الإقليمي ويمنحه أوراق ضغط ذكية في علاقاته مع الاتحاد الأوروبي، ويؤكد أن السياسة الخارجية المغربية تقوم على مبادئ السيادة، وتنويع الشركاء، والوضوح في المواقف، بما يتيح للمملكة حماية مصالحها وتحقيق توازن استراتيجي متين في ظل تحولات دولية معقدة.
20/10/2025