تحل الذكرى الخامسة لرحيل السياسي والمناضل الأمازيغي أحمد الدغرني، لتعيد النقاش حول المشروع الذي ناضل من أجله طوال مسيرته، والمتمثل في إرساء تنظيم سياسي ذي مرجعية أمازيغية. فقد كان الدغرني من أبرز المدافعين عن فكرة نقل النضال الأمازيغي من الإطار الثقافي إلى الحزبي، باعتبار أن الاعتراف الحقيقي بالهوية الأمازيغية لا يكتمل إلا من خلال المشاركة الفعلية في صنع القرار. واليوم، وبعد مرور سنوات على وفاته، يتجدد الحديث داخل الأوساط الأمازيغية حول ضرورة بعث فكر “أمغار دْحمّاد” من جديد عبر تأسيس حزب سياسي يعبر عن تطلعات فئة واسعة من المواطنين، ويربط الدفاع عن الأرض واللغة بالانخراط المؤطر في مؤسسات الدولة.
يرى العديد من الفاعلين الأمازيغيين أن منع “الحزب الديمقراطي الأمازيغي” قبل أكثر من عقدين، كان قرارا سياسيا بامتياز، بدعوى تعارضه مع القانون المنظم للأحزاب، رغم أن هذا القانون صدر بعد تأسيس الحزب، في خرق واضح لمبدأ عدم رجعية القوانين. ويعتبر هؤلاء أن استمرار إقصاء المبادرات السياسية ذات المرجعية الأمازيغية يضر بالتعددية التي ينص عليها الدستور، ويحرم البلاد من طاقات جديدة قادرة على تجديد الخطاب السياسي والمساهمة في تأطير المواطنين. كما يشددون على أن فكرة الحزب الأمازيغي ليست نزعة هوياتية ضيقة أو مشروعا إقصائيا، بل وسيلة لإدماج البعد الثقافي الأمازيغي في السياسات العمومية، وجعل الثقافة المحلية رافعة للتنمية والديمقراطية والمواطنة.
في المقابل، يذهب بعض المفكرين والحقوقيين إلى أن فكرة الحزب الأمازيغي لم تفقد مشروعيتها، بل ازدادت راهنيتها في ظل التحولات الإقليمية والعالمية التي تهدد الخصوصيات الثقافية للشعوب. فالعولمة والانصهار الثقافي، كما يقولون، يجعلان من الضروري وجود تنظيمات سياسية متجذرة في هوية المجتمع المغربي، قادرة على الدفاع عن لغته وقيمه وتاريخه داخل مؤسسات الدولة. ويؤكد هؤلاء أن ما تحقق للأمازيغية على المستوى المؤسساتي لا يكفي ما لم يواكبه حضور سياسي مؤثر يترجم المطالب إلى قرارات فعلية، معتبرين أن السماح بتأسيس حزب بمرجعية أمازيغية ليس ترفا سياسيا، بل خطوة ضرورية لإعادة التوازن إلى المشهد الحزبي وضمان تمثيلية عادلة لكل مكونات الهوية المغربية.
20/10/2025